ويدخل في هذا كثير من الأوصاف التي لم يُذكر لها موصوف، فوقع الاختلاف في تحديده بسبب عدمِ ذكرِه، واحتمالِ الوصف لأكثر من واحد، كلفظ النازعات وما بعدها، ولفظ الخنّس وما بعدها، وغيرها.
ثُمَّ نبَّه على نتيجة هذا الاحتمال في التفسيرات الواردة عن السلف، وجعل هذه الاحتمالات لا تخرج عن أمرين:
الأول: أنَّ مثل هذه الاحتمالات قد لا يجوز أن يراد به كل المعاني التي قالتها السلف، بل يكون المراد أحدها.
وهذا يعني أن تحديد أحد هذه المحتملات يحتاج إلى ترجيح، والترجيح يحتاج إلى علمٍ بطرق الترجيح وقواعده (١)، وهو علم مستقل من علم أصول التفسير.
الثاني: أن مثل هذه الاحتمالات قد يجوز أن يراد به كل المعاني التي قالتها السلف، وذكر لذلك عللاً:
الأولى: إما لكون الآية نزلت مرتين فأريد بها هذا تارة وهذا تارة.
وقد سبقت الإشارة إلى مسألة نزول الآية مرتين، وأنها لا دليل من الآثار عليها سوى الاحتمال العقلي.
الثانية: وإما لكون اللفظ المشترك يجوز أن يراد به معنياه؛ إذ قد جَوَّز ذلك أكثر الفقهاء المالكية والشافعية والحنبلية وكثير من أهل الكلام.
الثالثة: وإما لكون اللفظ متواطئًا، فيكون عامًا إذا لم يكن لتخصيصه موجب.
أقول: وأكثر ما يقع موجب التخصيص في تنازع الضمير، والأمثلة التي
(١) ينظر في: قواعد الترجيح ما كتب الشيخ الدكتور حسين الحربي في كتابه: (قواعد الترجيح عند المفسرين).