المسألة الثانية: في نوعي الاختلاف اللذَين يكثران في تفسير سلف الأمة:
قد ذكر شيخ الإسلام أن اختلاف التنوع صنفان:
[الصنف الأول]
أن يعبر كل واحد منهم عن المراد بعبارة غير عبارة صاحبه، تدل على معنى في المسمَّى غير المعنى الآخر، مع اتِّحاد المسمَّى.
وقد ضرب أمثلة لتقريب هذا النوع، فذكر من ذلك جملة من أسماء السيف، فهو يسمى بالصارم والمهنَّد.
فإذا قيل: ما المهنَّد؟.
فالجواب: السيف.
وإذا قيل: ما الصارم؟.
فالجواب: السيف.
لكن في المهند معنى غير المعنى الذي في الصارم، فهما دلاَّ على ذاتٍ واحدةٍ وهي السيف، وانفرد كلٌّ منهما بمعنى (وصف) مستقلٍّ عن صاحبه.
فالسيف سُمِّي صارمًا نظرًا لقطعه للشيءِ، فهو يصرمه؛ أي: يقطعه.
وسُمِّي مهنَّدًا بالنَّظرِ إلى محلِّ صناعته، وهو بلاد الهند، أو إلى أنَّ حَدِيدَهُ من بلاد الهند.
ولا شكَّ أنَّ هذا المعنى الذي في الصارم غير المعنى الذي في المهنَّد، لكنهما لا يختلفان في دلالتهما على ذات واحدة، وهي السيف.
وهذا القدر كافٍ في شرح ما يتعلَّقُ بموضوع هذا الصِّنف من الاختلاف، وما بعد ذلك ففيه استطرادٌ ليس من هذا الباب، لذا قال في نهايته:«وليس هذا موضع بسط ذلك».