القسم الذي قال فيه الرسول صلّى الله عليه وسلّم:«إذا حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم، فإما أن يحدثوكم بحق فتكذبوه، وإما أن يحدثوكم بباطل فتصدقوه».
[الإسرائيليات عند شيخ الإسلام في هذه المقدمة]
تحدث عن الإسرائيليات في موضعين من هذه الرسالة، قال في الموطن الأول:«... فما كان من هذا منقولاً نقلاً صحيحًا عن النبي ـ كاسم صاحب موسى أنه الخضر ـ فهذا معلوم، وما لم يكن كذلك، بل كان مما يؤخذ عن أهل الكتاب؛ كالمنقول عن كعب، ووهب، ومحمد بن إسحاق، وغيرهم ممن يأخذ عن أهل الكتاب، فهذا لا يجوز تصديقه ولا تكذيبه إلا بحجة؛ كما ثبت في الصحيح عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: «إذا حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم، فإما أن يحدثوكم بحق فتكذبوه، وإما أن يحدثوكم بباطل فتصدقوه».
وكذلك ما نُقِلَ عن بعض التابعين، وإن لم يذكر أنه أخذه عن أهل الكتاب، فمتى اختلف التابعون لم يكن بعض أقوالهم حجة على بعض (١)، وما نقل في ذلك عن بعض الصحابة نقلاً صحيحًا فالنفس إليه أسكن مما نقل عن بعض التابعين؛ لأن احتمال أن يكون سمعه من النبي صلّى الله عليه وسلّم، أو من بعض من سمعه منه أقوى، ولأن نقل الصحابة عن أهل الكتاب أقل من نقل التابعين، ومع جزم الصاحب فيما يقوله؛ فكيف يقال: إنه أخذه عن أهل الكتاب، وقد نهوا عن تصديقهم؟».
وقد قال في الموطن الآخر: «... ولهذا غالب ما يرويه إسماعيل بن عبد الرحمن السدي الكبير في تفسيره عن هذين الرجلين ابن مسعود وابن
(١) سيأتي ذكر مسألة اختلافهم، وكونه ليس حجة على بعضهم البعض عند حديثه عن تفسير التابعين في فصل أحسن طرق التفسير (ص:٢٩٢).