(٣٢) والآية التي لها سبب معين: إن كانت أمرًا أو نهيًا، فهي متناولة لذلك الشخص ولغيره ممن كان بمنْزلته، وإن كانت خبرًا بمدحٍ أو ذَمٍّ، فهي متناولة لذلك الشخص وغيره ممن كان بمنزلته.
(٣٣) ومعرفة سبب النُّزول يُعينُ على فهم الآية، فإن العلم بالسبب يورث العلم بالمسبب، ولهذا كان أصحُّ قولَي الفقهاءِ أنه إذا لم يُعرف ما نواه الحالفُ رُجِعَ إلى سبب يمينه وما هيّجها وأثارها.
(٣٤) وقولهم: «نزلت هذه الآية في كذا»؛ يراد به تارة أنه سبب النُّزول، ويراد به تارة أن ذلك داخل في الآية، وإن لم يكن السبب؛ كما تقول: عنى بهذه الآية كذا.
(٣٥) وقد تنازع العلماء في قول الصاحب: «نزلت هذه الآية في كذا»، هل يجري مجرى المسند، كما يذكر السبب الذي أنزلت لأجله، أو يجري مجرى التفسير منه الذي ليس بمسند؟
فالبخاري يُدخلُه في المسند، وغيره لا يُدخلُه في المسند، وأكثر المساند على هذا الاصطلاح؛ كمسند أحمد وغيره، بخلاف ما إذا ذكر سببًا نزلت عقِبَه، فإنهم كلهم يدخلون مثل هذا في المسند.
(٣٦) وإذا عرف هذا، فقول أحدهم:«نزلت في كذا» لا ينافي قول الآخر: «نزلت في كذا»؛ إذا كان اللفظ يتناولهما؛ كما ذكرناه في التفسير بالمثال.
(٣٧) وإذا ذكر أحدهم لها سببًا نزلت لأجله وذكر الآخر سببًا؛ فقد يمكن صدقُهما: بأن تكون نزلت عَقِبَ تلك الأسباب، أو تكون نزلت مرتين مرة لهذا السبب ومرة لهذا السبب.