ذكر شيخ الإسلام في هذا الفصل معلومات جزئية كثيرة، ومراده في هذا الفصل بيان نوع الاختلاف الذي وقع عند السلف، وذكر أنَّ غالب ما يصحُّ عنهم من الخلاف يرجع إلى اختلاف التنوع لا اختلاف التضاد (١)، وذكر في آخر هذا الفصل أنه لا بدَّ من وجود اختلاف محقق بينهم، وهو ما يُسمى بالتَّضاد، لكنه قليل بالنسبة لاختلاف التنوع، ويمكن أن يتبيَّن كلام شيخ الإسلام من خلال المسائل التالية:
[المسألة الأولى: في تعريف اختلاف التنوع واختلاف التضاد]
إن الاختلاف على نوعين: اختلاف تضاد، واختلاف تنوع، وهذان النوعان موجودان في عدَّة أبواب من العلم، فمنه ما هو بعض الأقوال والأفعال الشرعية، والاختلاف الواقع في ذلك من باب التنوع؛ كالاختلاف في صفة الأذان والإقامة والاستفتاح والتشهدات وصلاة الخوف وتكبيرات العيد وتكبيرات الجنازة إلى غير ذلك مما شُرِعَ جميعُه، وإن كان قد يقال: إن بعض أنواعِه أفضلُ.
ومنه ما هو واقع في قراءات القرآن، وهذا من باب اختلاف التنوع أيضًا؛ كالاختلاف الواقع في قراءة «ملك يوم الدين»، وقراءة {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}.
ومنه ما هو واقع في الأحكام الشرعية من جهة اختلاف المجتهدين؛
(١) لأمثلة التضاد؛ يمكن الاستفادة من كتاب (التضاد في القرآن الكريم بين النظرية والتطبيق) لمحمد نور الدين المنجد، نشر دار الفكر المعاصر.