قليلة بالنسبة إلى صيغة «فنَزلت»، وصيغة «فأنزل الله»، وهذه الصيغة الأخيرة هي الأكثر عنده من بين هذه الصيغ.
أما الصيغة الثانية، وهو ذكر السبب المباشر للآية، وغالبًا ما يذكر السبب، ثُمَّ يُتْبِعُهُ «فنَزلت» أو «فأنزل الله»، فكل هؤلاء يدخلها في المسند؛ لأنها مرفوعة إلى عهد النبي صلّى الله عليه وسلّم.
وقد أبان الحاكم (ت:٤٠٥) أنَّ ورودَ أسبابِ النُّزولِ الصَّريحةِ عن الصَّحابةِ الكرامِ لها حكمُ الرَّفعِ، وذكر ذلك في كتابه معرفة علوم الحديث، فقال: «... فأمَّا الموقوفُ على الصَّحابةِ، فإنَّه قلَّ ما يخفى على أهل العلم ....
ومن الموقوف الذي يُستدلُّ به على أحاديث كثيرة: ما حدَّثناه أحمد بن كاملٍ القاضي، ثنا يزيد بن الهيثم، ثنا محمد بن جعفر الفيدي، ثم ابن فضيل، عن أبي سنان، عن عبد الله بن أبي الهذيل، عن أبي هريرة رضي الله عنه في قول الله عزّ وجل:{لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ}[المدثر: ٢٩]، قال: تلقاهم جهنَّمُ يوم القيامة، فتلفحُهم لفحةً، فلا تترك لحمًا على عظمٍ إلاَّ وضعت على العراقيب.
قال: وأشباه هذا من الموقوفات تُعَدُّ في تفسيرِ الصَّحابةِ.
فأمَّا ما نقول في تفسير الصَّحابيِّ: مسندٌ، فإنَّما نقولُه في غيرِ هذا النَّوعِ (١)، فإنَّه كما أخبرناه أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصَّفَّار، حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، حدثنا إسماعيل بن أبي أويس، حدثني مالك بن أنس، عن محمد بن المنكدر، عن جابرٍ قال: كانت اليهود تقول: من أتى امرأته من دبرها في قُبُلِها، جاء الولدُ أحول، فأنزل الله عزّ وجل:{نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ}[البقرة: ٢٢٣].
(١) يقصد النوع الخامس الذي ذكره قبل هذا الكلام، وهو الموقوف من الروايات، ينظر: معرفة علوم الحديث (ص:١٩).