(٦) يجب أن يعلم أن النبي صلّى الله عليه وسلّم بيَّن لأصحابه معاني القرآن كما بيّن لهم ألفاظه، فقوله تعالى:{لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ}[النحل: ٤٤] يتناول هذا وهذا.
(٧) وقد قال أبو عبد الرحمن السلمي: حدثنا الذين كانوا يقرؤوننا القرآن ـ كعثمان بن عفان وعبد الله بن مسعود وغيرهما ـ أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي صلّى الله عليه وسلّم عشر آيات لم يجاوزوها حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل، قالوا: فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعًا.
(٨) ولهذا كانوا يبقون مدة في حفظ السورة، وقال أنس: كان الرجل إذا قرأ البقرة وآل عمران جلَّ في أعيننا. وأقام ابن عمر على حفظ البقرة عدة سنين، قيل: ثمان سنين. ذكره مالك (١).
وذلك أن الله تعالى قال:{كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ}[ص: ٢٩]، وقال:{أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ}[النساء: ٨٢، محمد: ٢٤]، وقال:{أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ}[المؤمنون: ٦٨]، وتدبر الكلام بدون فهم معانيه لا يمكن.
وكذلك قال تعالى:{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}[يوسف: ٢] وعقل الكلام متضمن لفهمه.
(٩) ومن المعلوم أن كل كلام فالمقصود منه فهم معانيه دون مجرد ألفاظه، فالقرآن أولى بذلك.
(١) الموطأ (١:٢٠٥) كتاب القرآن، باب ما جاء في القرآن.