قال شيخ الإسلام ـ كما في الفتاوى (١٣:٢٣٥ ـ ٢٣٩) ـ: «فصل: وأما إذا أريد بالعلم الباطن العلم الذي يبطن عن أكثر الناس، أو عن بعضهم، فهذا على نوعين:
أحدهما: باطن يخالف العلم الظاهر. والثاني: لا يخالفه.
فأما الأول فباطل: فمن ادعى علمًا باطنًا أو علمًا بباطن وذلك يخالف العلم الظاهر كان مخطئًا، إما ملحدًا زنديقًا وإما جاهلاً ضالاً.
وأما الثاني فهو بمنْزلة الكلام في العلم الظاهر قد يكون حقًا، وقد يكون باطلاً فإن الباطن إذا لم يخالف الظاهر لم يعلم بطلانه من جهة مخالفته للظاهر المعلوم، فإن عُلِمَ أنه حقٌّ قُبِلَ، وإن عُلِمَ أنه باطل رُدَّ وإلا أمسك عنه، وأما الباطن المخالف للظاهر المعلوم فمثل ما يدعيه الباطنية القرامطة من الإسماعيلية والنصيرية وأمثالهم، ممن وافقهم من الفلاسفة وغلاة المتصوفة والمتكلمين.
وشرُّ هؤلاء القرامطة، فإنهم يدَّعون أن للقرآن والإسلام باطنًا يخالف الظاهر؛ فيقولون: «الصلاة» المأمور بها ليست هذه الصلاة، أو هذه الصلاة إنما يؤمر بها العامة، وأما الخاصة فالصلاة في حقهم معرفة أسرارنا، و «الصيام» كتمان أسرارنا، و «الحج» السفر إلى زيارة شيوخنا المقدَّسين، ويقولون: إن «الجنة» للخاصة: هي التمتع في الدنيا باللذات، و «النار» هي التزام الشرائع والدخول تحت أثقالها.
ويقولون: إن «الدابة» التي يخرجها الله للناس هي العالم الناطق بالعلم