للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا تفيد حكاية الأقوال فيه = هو كالمعرفة لما يروى من الحديث الذي لا دليل على صحته، وأمثال ذلك.

(٥٩) وأما القسم الأول الذي يمكن معرفة الصحيح منه فهذا موجود فيما يحتاج إليه ولله الحمد، فكثيرًا ما يوجد في التفسير والحديث والمغازي أمور منقولة عن نبينا صلّى الله عليه وسلّم وغيره من الأنبياء صلوات الله عليهم وسلامه، والنقل الصحيح يدفع ذلك، بل هذا موجود فيما مستنده النقل، وفيما قد يعرف بأمور أخرى غير النقل (١).

(٦٠) فالمقصود أن المنقولات التي يُحتاج إليها في الدين قد نصب الله الأدلة على بيان ما فيها من صحيح وغيره، ومعلوم أن المنقول في التفسير أكثره كالمنقول في المغازي والملاحم، ولهذا قال الإمام أحمد: «ثلاثة أمور ليس لها إسناد: التفسير، والملاحم، والمغازي»، ويروى: «ليس لها أصل»؛ أي: إسناد؛ لأن الغالب عليها المراسيل، مثل ما يذكره عروة بن الزبير، والشعبي، والزهري، وموسى بن عقبة، وابن إسحاق، ومن بعدهم؛ كيحيى بن سعيد الأموي، والوليد بن مسلم، والواقدي، ونحوهم في المغازي؛ فإن أعلم الناس بالمغازي أهل المدينة، ثم أهل الشام، ثم أهل العراق، فأهل المدينة أعلم بها لأنها كانت عندهم، وأهل الشام كانوا أهل غزو وجهاد فكان لهم من العلم بالجهاد والسِّيَرِ ما ليس لغيرهم، ولهذا عظَّمَ الناس كتاب أبي إسحاق الفزاري الذي صنفه في ذلك، وجعلوا الأوزاعي أعلم بهذا الباب من غيره من علماء الأمصار.

(٦١) وأما التفسير، فإن أعلم الناس به أهل مكة؛ لأنهم


(١) أشار شيخ الإسلام إلى الطرق التي يُعرف بها كذب المنقول في كتبه؛ منها منهاج السنة (٧:٤٣٧).

<<  <   >  >>