ذكر نوع داخل في الآية ذكر لتعريف المستمع بتناول الآية له، وتنبيهه به على نظيره، فإن التعريف بالمثال قد يسهل أكثر من التعريف بالحد المطابق، والعقل السليم يتفطن للنوع، كما يتفطن إذا أشير له إلى رغيف فقيل له: هذا هو الخبز».
ومن هذا يمكن القول: إن التفسير بالمثال لا يفيد الحصرَ، فلو عمد مفسِّرٌ متأخرٌ إلى بيان العموم في آية ذكر السلف فيها مثالات، أو أضاف مثالاً لم يقل به السلف والعموم يحتمله، فإنه يقبل.
ومن الأمثلة في ذلك ما ورد في تفسير {ثُمَّ لآَتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ}[الأعراف: ١٧]، قال ابن القيم (ت:٧٥٤): «وقوله: {ثُمَّ لآَتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ}، قال ابن عباس في رواية عطية عنه: من قِبَلِ الدنيا، وفي رواية علي عنه: أشككهم في آخرتهم.
وكذلك قال الحسن: من قبل الآخرة تكذيبًا بالبعث والجنة والنار.
وقال مجاهد: من بين أيديهم من حيث يبصرون.
{وَمِنْ خَلْفِهِمْ}، قال ابن عباس: أرغبهم في دنياهم.
وقال الحسن: من قِبَلِ دنياهم؛ أزينها لهم وأشهيها لهم.
وعن ابن عباس رواية أخرى: من قِبَل الآخرة.
وقال أبو صالح: أُشكِّكهم في الآخرة، وأباعدها عليهم.
وقال مجاهد أيضًا: من حيث لا يبصرون.
{وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ}، قال ابن عباس: أشبّه عليهم أمر دينهم.