(٢٦) مثال ذلك ما نقل في قوله: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ}[فاطر: ٣٢]. فمعلوم أن الظالم لنفسه يتناول المضيعَ للواجباتِ، والمنتهكَ للمحرماتِ.
والمقتصد يتناول فاعل الواجبات، وتارك المحرمات.
والسابق يدخل فيه من سبق فتقرَّب بالحسنات مع الواجبات.
فالمقتصدون هم أصحاب اليمين، والسابقون السابقون أولئك المقربون.
(٢٧) ثم إن كلاً منهم يذكر هذا في نوع من أنواع الطاعات، كقول القائل: السابق: الذي يصلي في أول الوقت، والمقتصد: الذي يصلي في أثنائه، والظالم لنفسه: الذي يؤخر العصر إلى الاصفرار.
أو يقول: السابق والمقتصد والظالم قد ذكرهم في آخر سورة البقرة، فإنه ذكر المحسن بالصدقة، والظالم بأكل الربا، والعادل بالبيع (١).
والناس في الأموال إما محسن، وإما عدلٌ، وإما ظالم، فالسابق المحسن بأداء المستحبَّات مع الواجبات، والظالم آكل الربا أو مانع الزكاة، والمقتصد الذي يؤدي الزكاة المفروضة، ولا يأكل الربا، وأمثال هذه الأقاويل.