للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا تشتاق نفوسهم إلى فهم هذا القول، ولا يسألونه عن ذلك، ولا يبتدئ هو بيانه لهم؟! هذا مما يعلم بطلانه أعظم مما يعلم بطلان كتمانهم ما تتوفر الهمم والدواعي على نقله.

ومن زعم أنه لم يبين لهم معاني القرآن، أو أنه بيَّنها، وكتموها عن التابعين، فهو بمنْزلة من زعم أنه بيّن لهم النص على عليٍّ وشيئًا آخر من الشرائع والواجبات، وأنهم كتموا ذلك، أو أنه لم يبين لهم معنى الصلاة والزكاة والصيام والحج ونحو ذلك مما يزعم القرامطة أنَّ له باطنًا يخالف الظاهر؛ كما يقولون إن الصلاة معرفة أسرارهم والصيام كتمان أسرارهم والحج زيارة شيوخهم وهو نظير قولهم أن أبا بكر وعمر كانا منافقين، قصدهما إهلاك الرسول، وأن أبا لهب أقامهما لذلك وأنهما يدا أبي لهب وهو المراد في زعمهم بقوله: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} [المسد: ١]، وقولهم: إن الإشراك الذي قال الله: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [الزمر: ٦٥] هو إشراك أبي بكر وعلي في الولاية وأن الله أمره بإخلاص الولاية لعلي دون أبي بكر وقال: لئن أشركت بينهما ليحبطن عملك ونحو ذلك من تفسير القرامطة.

فقولنا بتفسير الصحابة والتابعين لعلمنا بأنهم بلغوا عن الرسول صلّى الله عليه وسلّم ما لم يصل إلينا إلا بطريقهم، وأنهم علموا معنى ما أنزل الله على رسوله صلّى الله عليه وسلّم تلقيًا عن الرسول، فيمتنع أن نكون نحن مصيبين في فهم القرآن، وهم مخطئون، وهذا يعلم بطلانه ضرورة عادةً وشرعًا» (١).

وقال: «... أحدها: أن العادة المطردة التي جبل الله عليها بني آدم توجب اعتناءهم بالقرآن المنزَل عليهم لفظًا ومعنًى، بل أن يكون اعتناؤهم بالمعنى أوكد، فإنه قد علم أنه من قرأ كتابًا في الطب أو الحساب أو النحو


(١) بغية المرتاد (ص:٣٣٠ ـ ٣٣٢).

<<  <   >  >>