للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويمكن أن يُزاد عليه في هذا العصر التفسيرات العصرية المنحرفة، والتفاسير التي تعتمد على العلوم الكونية والتجريبية، أو ما يُسمى بالإعجاز العلمي.

فهذه الطوائف تشترك في أنَّها تأتي إلى القرآن، وقد استقرَّت عندها معلومات تريد أن تجد لها ما يسندها منه، فتراهم يتشبَّثون بغرائب التأويل؛ لئلاَّ ينخرم ما قعَّدوه، وألا يظهر بطلان ما أصَّلوه.

إن معاني القرآن هي أشرف المعاني، وقد بيَّنها الصحابة والتابعون وأتباعهم، ولما خرجت البدع المخالفة للسنة ذهب أهلها يستدلون لها بالقرآن، فوقعوا بين أمرين:

الأول: أن يدل القرآن على خلاف ما ذهبوا إليه، فعمدوا إلى مثل هذه الآية وحرَّفوها إما لتناسب معتقدهم، وإما لإبطال استدلال أهل السنة بها.

الثاني: أن يأتوا إلى الآية ويحملونها لمجرد الشبهة على ما لم تدلّ عليه مطلقًا، ولولا وجود هذا المعتقد، لما حملوها على هذا المحمل.

وهذان الصنفان يرجع إليهما كثير من الأخطاء التي وقع فيها أهل البدع في الماضي والحاضر، وهذا ما نبَّه إليه شيخ الإسلام في هذا الفصل، حيث جعل الذين وقع منهم الخطأ في المعاني راجعًا إلى صنفين: قد يكون خطؤهم في الدليل والمدلول، أو يكون خطؤهم في الدليل لا المدلول.

الصنف الأول: من يسلبون لفظ القرآن ما دلَّ عليه وأريد به:

فالقرآن له معنى صحيح واضح أريد به، وهؤلاء يسلبونه هذا المعنى الواضح، وينفونه عنه بسبب البدعة التي يعتقدونها.

فالمعتزلة والإباضية ـ مثلاً ـ يعتقدون عدم رؤية الربِّ سبحانه وتعالى في الجنة، فجاؤوا إلى الآيات التي تدلُّ على الرؤية فنفوا عنها ذلك، وسلبوا منها دلالة الرؤية.

<<  <   >  >>