٣ - قال في قوله تعالى:{كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ}[آل عمران: ١٨٥]: «... {فَقَدْ فَازَ}: فقد حصل له الفوز المطلق المتناول لكل ما يُفاز به، ولا غاية للفوز وراء النجاة من سخط الله والعذاب السرمد، ونيل رضوان الله والنعيم المخلد»(١).
وهذه العبارة ظاهرها السلامة كما ترى، لكنه بطَّنها نفيَ رؤية الباري سبحانه وتعالى، فجعل غاية الفوز دخول الجنة فقط، وإنما غاية الفوز رؤية الباري، ودخول الجنة من لوازم ذلك الفوز المطلق، لكنه لما لم يكن يرى الرؤية، حُمِل كلامه على إرادة نفيها بهذه العبارة التي لو كان قائلها ممن يثبتون الرؤية لما ثُرِّب عليه للعلة التي ذكرت.
٤ - ومن الأمثلة التي لم يكن فيها لبس في ظهور التأويل عنده ما ورد من تفسيره لقوله تعالى:{لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ}[آل عمران: ١٨١]، قال:«ومعنى سماع الله له: أنه لم يَخْفَ عليه، وأنه أعد كفاءةً من العقاب»، وهذا التفسير لسماع الله ليس صوابًا، بل فيه نفي للمعنى الحقيقي لصفة السماع، وتفسير لها بلازمها على أنه هو المعنى الحقيقي لها، وذلك خطأ في التأويل.
[تفسير ابن عطية (ت:٥٤٢)]
قال شيخ الإسلام (ت:٧٢٨) في تفسير ابن عطية (ت:٥٤٢) الموسوم بالمحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز: «وتفسير ابن عطية وأمثاله أتبع للسنة والجماعة وأسلم من البدعة من تفسير الزمخشري، ولو ذكر كلام السلف الموجود في التفاسير المأثورة عنهم على وجهه لكان أحسن وأجمل، فإنه كثيرًا ما ينقل من تفسير محمد بن جرير الطبري وهو من أجلِّ التفاسير