للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأعظمها قدرًا، ثم إنه يدع ما نقله ابن جرير عن السلف لا يحكيه بحال، ويذكر ما يزعم أنه قول المحققين، وإنما يعني بهم طائفة من أهل الكلام الذين قرروا أصولهم بطرق من جنس ما قررت به المعتزلة أصولهم، وإن كانوا أقرب إلى السنة من المعتزلة؛ لكن ينبغي أن يعطي كل ذي حق حقه، ويعرف أن هذا من جملة التفسير على المذهب».

في هذه العبارة تحدث شيخ الإسلام عن تفسير ابن عطية (ت:٥٤٢)، ووازن بينه وبين تفسير الزمخشري (ت:٥٣٨)، فجعله أتبع للسنة من تفسير الزمخشري (ت:٥٣٨)،وذلك حقٌّ، فابن عطية (ت:٥٤٢) أشعريٌّ، والأشاعرة أقرب إلى السنة (منهج السلف من الصحابة والتابعين وأتباعهم) من المعتزلة، لكن هذا ليس من المدح المطلق، بل فيه عدل في الحكم على العلماء، والميزان في ذلك القرب من الحق والبعد عنه (١).


(١) وقع محققو الجزء الأول من تفسير ابن عطية في الطبعة القطرية في أخطاء على شيخ الإسلام في كلامه على تفسير ابن عطية، وأنا أسوقها هنا لمناسبة المقام، فأقول:
١ - وقعوا في التدليس حينما ذكروا كلامه في نقد تفسير ابن عطية، وجعلوا مكان كلامه فيه نقطًا، ولم يذكروه، فجاءت هذه العبارة في مقدمة الكتاب هكذا: «تفسير ابن عطية خير من تفسير الزمخشري، وأصح نقلاً وبحثًا، وأبعد عن البدع ..... بل هو خير منه بكثير، بل لعله أرجح هذه التفاسير»، والعبارة التي خذفوها هي: «وإن اشتمل على بعضها». الفتاوى (١٣:٣٨٨).
٢ - في كلامهم على عقيدة ابن عطية زعموا أن شيخ الإسلام يتهمه بالاعتزال، وذلك فهم غير سديد لعبارة شيخ الإسلام، قالوا: «... «أن تفسير ابن عطية أتبع للسنة والجماعة، وأسلم من البدع من تفسير الزمخشري»، وهذا الكلام يغمز ابن عطية بالاعتزال، لكنه يخفف من اعتزاله، ويجعله أقرب إلى أهل السنة بالنسبة للزمخشري، فهو قرب نسبي».
وهذا الذي فهموه من عبارة شيخ الإسلام من أنه يغمز ابن عطية بالاعتزال غير صحيح البتة، بل هو يذكر ملمِّحًا لمعتقد الأشعرية الذين بنوا أصولهم من جنس ما بنت المعتزلة أصولها عليه، وهو مسألة تقديم العقل على النقل، ولم يُرِدْ ما ذهبوا إليه. =

<<  <   >  >>