الترادف بوضوح، وذهب إلى أنه قليل في اللغة، وأمَّا في القرآن فنادرٌ أو معدومٌ.
ويلاحظ أنَّ شيخ الإسلام قد طرح مصطلح الترادف في النوع الأول من أنواع الاختلاف في تفسير السلف، حيث قال:«... بمنْزلة الأسماء المتكافئة التي بين المترادفة والمتباينة، كما قيل في اسم السيف: الصارم والمهند ...»، ولا يلزم من كلامه هذا أنه يرى الترادف؛ لأنه يريد تقرير الأسماء المتكافئة، وأنها بين المترادفة ـ على من يقول بالترادف ـ والمتباينة، والله أعلم.
ويقابل القولَ بالترادف القولُ بوجود فروقٍ بين الألفاظ المشتركة في الدلالة على ذاتٍ واحدة أو معنى واحدٍ من المعاني.
والذي يظهر ـ والله أعلم ـ أنه لا بدَّ من وجود فروقٍ بين الألفاظ، وأنَّ عدم معرفة الفرق لا يعني عدم وجوده، وطريق معرفة الفروق مبثوثة في كتب العلماء، وليس هذا محلُّ طرحها.
والقول بالفروق اللغوية يعني الاشتراك في معنى عامٍ بين اللفظين، ثمَّ يمتاز أحدهما، أو كلاهما بفرق عن الآخر، ولعل بعض من ذهب إلى الترادف ذهب إلى وجود المعنى العام بين اللفظين فحكم به، وليس يعني بترادفهما الاتفاق التام في المعنى.
وطَرْحُ شيخ الإسلام لهذه المسألة بإيجاز أراد به الانطلاق إلى أنَّ تفسير لفظة بلفظة لا يعني أنها مطابقة لها بتمام معناها، بل لا بد من وجود فرقٍ بين اللفظ المفسَّرِ واللفظ المفسِّر، وأن عملية التفسير هذه إنما هي من باب تقريب المعنى لا تحقيقه.
ولهذا قد يُفسَّر اللفظ بجزءٍ من معناه، أو بلازم من لوازمه، أو بما هو أعمُّ منه، أو بما يقاربه، وكلُّ ذلك لأجل تقريب المعنى لا تحقيقه.