أحمد: ثلاثة أمور ليس لها إسناد: التفسير، والملاحم، والمغازي ـ ويروى: ليس لها أصل؛ أي: إسناد؛ لأن الغالب عليها المراسيل، مثل ما يذكره عروة بن الزبير، والشعبي، والزهري، وموسى بن عقبة، وابن إسحاق ومن بعدهم؛ كيحيى بن سعيد الأموي، والوليد بن مسلم، والواقدي ونحوهم في المغازي».
تأتي عن الإمام أحمد (ت:٢٤١) بعض العبارات المجملة التي لا يُدرى المراد بها على وجه التحديد؛ لأنها لم تلق تفسيرًا منه.
ومن هذه الروايات المجملة هذه الرواية التي اختلفت فيها تخريجات العلماءِ، وتباينت فيها آراؤهم، فقد روى الخطيب البغدادي (ت:٤٦٣) بسنده هذا الأثر عن أحمد بن حنبل (ت:٢٤١)، ثم قال في شرح هذه العبارة:«وهذا الكلام محمول على وجه، وهو أنَّ المراد به كتب مخصوصة في هذه المعاني الثلاثة غير معتمد عليها، ولا موثوق بصحتها لسوء أحوال مصنفيها وعدم عدالة ناقليها وزيادات القصاص فيها»(١).
وهذا التخريج فيه نظر؛ إذ ليس في عبارة الإمام أحمد (ت:٢٤١) ما يدلُّ عليه، وما تلك التخريجات إلا للغموض والإجمال في تلك العبارة التي قالها الإمام أحمد بن حنبل (ت:٢٤١).
ولو عُرِفَ المراد بالتحديد بمصطلح «إسناد» أو مصطلح «أصول» الذي جاءت به الرواية عن الإمام أحمد لحُلَّ المراد بقوله، ولزال الإشكال.
وأقرب ما يمكن تفسيرها به أن يكون أراد الإسناد المرفوع للنبي صلّى الله عليه وسلّم، وهذا التخريج لعبارة الإمام أحمد (ت:٢٤١) هو الذي أشار إليه شيخ الإسلام ابن تيمية (ت:٧٢٨) في عبارته السابقة حيث ذكر المراسيل التي يقابلها المسند المرفوع إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم، قال:«ويروى: ليس لها أصل؛ أي: إسناد؛ لأن الغالب عليها المراسيل».