للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كما يلاحظُ أيضًا أنَّ قومًا من المبتدعة ذهبوا إلى تقرير بدعِهم بمجازات جائزة في اللغة من حيث الورود، غير أن الخلاف معهم في جوازها في موضع الاختلاف، كما في تفسير اليد في مثل قول الله تعالى: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} [المائدة: ٦٤] بأنها النعمة، وذلك وارد في اللغة من حيث إطلاق اليد على النعمة، وإنما الاختلاف معهم في عدم صحة هذا الإطلاق هنا، وأن الصحيح حمل اليد على ظاهرها حملاً يليق بذات الله وجلاله من غير تشبيه ولا تمثيل، ولا تكييف ولا تعطيل.

وأعود للتمثيل للأسباب السابقة، فأقول:

أولاً: عدم اعتبار المصطلحات الشرعية:

إذا تنازع اللفظَ الحقيقةُ الشرعيةُ والحقيقة اللغويةُ؛ قدِّمتِ الحقيقةُ الشرعيةُ؛ لأنَّ الشارعَ مَعْنِيٌّ ببيان الشرع لا ببيان اللغة.

وتركُ المصطلح الشرعي ـ مع إرادته ـ يدخل في فعل من لم ينظر في الخطاب إلى المخاطب ولا إلى المنزَل عليه.

ويظهر في مثل هذا النوع أنَّ لاعتقاد المعاني السابقة أثرًا في اختيار المعنى اللغوي دون المعنى الذي ينازَع عليه أهل السنة، وبسط مثل الموضوعات محله كتب الاعتقاد.

ومن أوضح الأمثلة على ذلك ما وقع من الاختلاف بين طوائف الأمة في مسمى الإيمان، فالإيمان في الشرع: قول وعمل واعتقاد، وذهبت المرجئة إلى أنه التصديق فقط دون غيره من المعاني؛ لأنَّه كذلك في اللغة.

وهؤلاء ـ وإن كانوا قد اعتقدوا ثمَّ قصروا المعنى على المدلول اللغوي ـ اعتمدوا على المعنى اللغوي دون نظر إلى مراد المتكلم على الحقيقة.

وليس المراد هنا ذكر التفصيل في الردِّ، وإنما الذي يتعلق بالأمر هنا التنبيه الجملي على خطأ حمل الإيمان على مجرد التصديق دون سائر

<<  <   >  >>