للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الثاني: لولا الشفاعة لدخلوها بما معهم من الصغيرة، ثم أخرجوا عنها إلى الجنة» (١).

الأصل الخامس: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

في قوله تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَامُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [آل عمران: ١٠٤] قال الرماني: «ويقال: هل يجب في إنكار المنكر حمل السلاح؟

الجواب: نعم إن احتيج إليه بحسب الإمكان؛ لأن الله جلَّ ثناؤه قد أمر به، فإذا لم ينجع فيه الوعظ والتخويف، ولا التناول بالأيدي والنعال وجب حمل السلاح؛ لأن الفريضة لا تسقط مع الإمكان إلا بزوال المنكر الذي لزم فيه الجهاد» (٢).


(١) الجامع لعلم القرآن (مخطوط)، وقد خالف الطوسيُّ (٣:٨٣) الرمانيَّ في هذا الموضوع، وذهب إلى وقوع الشفاعة لأهل الكبائر، وذكر مذهب الرماني بنصِّه، ثمَّ ردَّ عليه في الاحتمالين اللذين ذكرهما، فقال: «والأول فاسد؛ لأنه مجاز، والثاني ليس بمذهب لأحد من القائلين بالوعيد؛ لأن الصغيرة تقع مكفرة لا عقاب عليها، فكيف يدخل النار؟!».
(٢) الجامع لعلم القرآن (مخطوط)، ويظهر ـ والله أعلم ـ أن هذا المبحث في تراث المعتزلة ـ في أغلب تاريخهم ـ عقلي بحت، إذ لم يظهر لهذا المبدأ أثرٌ في تاريخهم.
أما الطوسي، فقد نقل آراء المعتزلة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وذهب إلى موافقة الرماني في هذا الباب، لكنه اشترط فيه ما يوافق عقيدته الإمامية، فعقَّب على قول الرماني بقوله: «وأكثر أصحابنا ـ يقصد الرافضة الإمامية ـ على أن هذا النوع من إنكار المنكر لا يجوز الإقدام عليه إلا بإذن سلطان الوقت». التبيان في تفسير القرآن (٢:٥٤٩).
ويقصد بسلطان الوقت المهدي المنتظر عندهم، وهو الإمام الثاني عشر الذي دخل السرداب ولم يخرج حتى هذا الوقت.
ولكنهم في هذا العصر حصل لهم انقلاب فكري، فظهرت فكرة ولاية الفقيه الذي يجوز له القيام بأعمال إمام الوقت، فحملوا السلاح، وقتلوا المسلمين.

<<  <   >  >>