نصين من نصوص الطائفتين الأخريين لتتم الأمثلة بذلك.
مثال من تفاسير القرامطة الإسماعيلية:
للقرامطة الإسماعيلية تفاسير معدودة، وهي تنحو منحى الرمز والتلغيز، وتعمد إلى تأويل الشرائع بتأويلات تُخرجهم عن الالتزام بشرائع الإسلام، ومن تفاسيرهم المطبوعة تفسير بعنوان (مزاج التسنيم) لإسماعيل بن هبة الله الإسماعيلي، قال في كلامه على قوله تعالى:{فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ}[يوسف: ٧٠]: «{فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ} يعني: بما ألقاه إليهم من الفوائد.
{جَعَلَ السِّقَايَةَ} يعني: عذق تلك الصور المجتمعة من صور أهل دعوته.
{فِي رَحْلِ أَخِيهِ} يعني: في ضمنه، وذلك حين أقامه خليفة له لكون النص هو الأمر للصور في جميع أهل المراتب تجتمع بالمنصوص عليه، ثم قال تعالى:{ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ} وهو داعي البلاغ في حضرة يوسف الذي كان أصله فيها داعي البلاغ كذلك في الأدوار المتقدمة.
{أَيَّتُهَا الْعِيرُ} يعني: المستفيدون كأصولهم.
{إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ} يعني: مُدَّعون ما ليس لكم من درجات المفيدين المطلقين بغير أمر من صاحب الترتيب لتلك المراتب في دعوته في الحديث والقديم بحسب ما ارتقم في ذاته في تلك المحارات، والملهم له بذلك ما يتصل بصورته من تحريك العمود النوراني بتدبير صاحب الزمان» (١).
فانظر في مثل هذا النصِّ الذي يفهمه القارئ بلا تعقيد؛ كيف تعقَّد بهذه الرموز والتلغيزات؟! فقد حشاه بمصطلحات الباطنية الإسماعيلية
(١) مزاج التسنيم (ص:٧٤ ـ ٧٥)، لإسماعيل بن هبة الله الإسماعيلي الباطني، عُني بتصحيحه المستشرق ر. شتروطمان، المجمع العلمي، غوتينغن.