للمسلمين في أصول دينهم، فإن من عَلِمَ أن السابقين الأولين قد رضي الله عنهم ورضوا عنه عَلِمَ أن كل ما يذكرونه على خلاف ذلك، فهو باطل.
ومن أقرَّ بوجوب الصلوات الخمس على كل أحد ما دام عقله حاضرًا = عَلِمَ أن من تأوَّلَ نصًّا على سقوط ذلك عن بعضهم؛ فقد افترى.
ومن عَلِمَ أن الخمرَ والفواحشَ محرمةٌ على كل أحد = ما دام عقله حاضرًا = عَلِمَ أن من تأوَّل نصًّا يقتضي تحليل ذلك لبعض الناس أنه مفترٍ.
وأما النوع الثاني: فهو الذي يشتبه كثيرًا على بعض الناس، فإن المعنى يكون صحيحًا لدلالة الكتاب والسنة عليه، ولكن الشأن في كون اللفظ الذي يذكرونه دلَّ عليه، وهذان قسمان:
أحدهما: أن يقال: إن ذلك المعنى مراد باللفظ فهذا افتراء على الله، فمن قال: المراد بقوله: {تَذْبَحُوا بَقَرَةً}: هي النفس.
وبقوله:{اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ}: هو القلب.
{وَالَّذِينَ مَعَهُ}: أبو بكر. {أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ}: عمر. {رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ}: عثمان. {تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا}: علي = فقد كذب على الله؛ إما متعمدًا، وإما مخطئًا.
والقسم الثاني: أن يجعل ذلك من باب الاعتبار والقياس، لا من باب دلالة اللفظ، فهذا من نوع القياس، فالذي تسميه الفقهاء قياسًا هو الذي تسميه الصوفية إشارة، وهذا ينقسم إلى صحيح وباطل؛ كانقسام القياس إلى ذلك، فمن سمع قول الله تعالى:{لاَ يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ} وقال: إنه اللوح المحفوظ أو المصحف، فقال: كما أنَّ اللوح المحفوظ الذي كُتِبَ فيه حروف القرآن لا يمسه إلا بدن طاهر فمعاني القرآن لا يذوقها إلا القلوب الطاهرة، وهي قلوب المتقين = كان هذا معنًى صحيحًا واعتبارًا صحيحًا، ولهذا يروى هذا عن طائفة من السلف.