ومما جاء به الرسول: رِضَاهُ عن السابقين الأولين، وعن من اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين؛ كما قال تعالى:{وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ}[التوبة: ١٠٠].
ومما جاء به الرسول: إخباره بأنه تعالى قد أكمل الدين بقوله سبحانه: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً}[المائدة: ٣].
ومما جاء به الرسول: أمر الله له بالبلاغ المبين كما قال تعالى: {وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاَغُ الْمُبِينُ}[النور: ٥٤]، وقال تعالى:{وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ}[النحل: ٤٤]، وقال تعالى:{يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ}[المائدة: ٦٧].
ومعلوم أنه قد بلغ الرسالة كما أمر ولم يكتم منها شيئًا، فإن كتمان ما أنزل الله إليه يناقض موجب الرسالة؛ كما أن الكذب يناقض موجب الرسالة.
ومن المعلوم من دين المسلمين أنه معصوم من الكتمان لشيء من الرسالة، كما أنه معصوم من الكذب فيها، والأمة تشهد له بأنه بلّغ الرسالة كما أمره الله، وبيّن ما أنزل إليه من ربه، وقد أخبر الله بأنه قد أكمل الدين؛ وإنما كمل بما بلغه؛ إذ الدين لم يعرف إلا بتبليغه، فعلم أنه بلغ جميع الدين الذي شرعه الله لعباده كما قال صلّى الله عليه وسلّم:«تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك».
وقال:«ما تركت من شيء يقربكم إلى الجنة إلا وقد حدثتكم به، وما من شيء يبعدكم عن النار إلا وقد حدثتكم به».
وقال أبو ذر: لقد توفي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وما طائر يقلب جناحيه في السماء إلا ذكر لنا منه علمًا.