أو أن أهل مكة كانوا يتمون الصلاة بعرفة ومزدلفة ومنى خلفه.
أو أنه كان يجمع الصلاتين بمنى كما كان يقصر.
أو أنه فرض صوم شهر آخر غير رمضان.
أو أنه فرض صلاة سادسة وقت الضحى أو نصف الليل.
أو أنه فرض حج بيت آخر غير الكعبة.
أو أن القرآن عارضه طائفة من العرب، أو غيرهم بكلام يشابهه، ونحو هذه الأمور = لكنَّا نعلم كذب هذا الكاذب.
فإنا نعلم انتفاء هذه الأمور بانتفاء لازمها، فإن هذه لو كانت مما يتوفر الهمم والدواعي على نقلها عامة لبني آدم، وخاصة لأمتنا شرعًا، فإذا لم ينقلها أحد من أهل العلم، فضلاً عن أن تتواتر، عُلم أنها كذب.
ومن هذا الباب نقل النص على خلافة عليٍّ، فإنَّا نعلم أنه كذب من طرق كثيرة؛ فإن هذا النص لم ينقله أحد [من أهل العلم] بإسناد صحيح، فضلاً عن أن يكون متواترًا، ولا نُقل أن أحدًا ذكره على عهد الخلفاء، مع تنازع الناس في الخلافة وتشاورهم فيها يوم السقيفة، وحين موت عمر، وحين جُعل الأمر شورى بينهم في ستة، ثم لما قُتل عثمان واختلف الناس على عليّ، فمن المعلوم أن مثل هذا النص لو كان كما تقوله الرافضة من أنه نص عَلَى عليٍّ نصًّا جليًّا قاطعًا للعذر علمه المسلمون = لكان من المعلوم بالضرورة أنه لا بد أن ينقله الناس نقل مثله، وأنه لا بد أن يذكره الكثير من الناس ـ بل أكثرهم ـ في مثل هذه المواطن التي تتوفر الهمم على ذكره فيها غاية التوفر، فانتفاء ما يُعلم أنه لازم يقتضي انتفاء ما يعلم أنه ملزوم، ونظائر ذلك كثيرة.
ففي الجملة؛ الكذب هو نقيض الصدق، وأحد النقيضين يُعلم انتفاؤه،