للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

التاء في عدد المؤنث لحذف المعدود (أقسم عليهن) تأكيداً لها في الأذهان للسامعين قبولهم لها ويشتد حرصهم على العمل بها وأكد ذلك بقوله: (وأحدثكم حديثاً) أي في ذلك (فاحفظوه) والجملتان معترضتان لذلك، وجعل العاقولي من باب التقديم والتأخير فقال: أي أحدثكم في معنى من خصال الخير وأقسم على ثلاث خصال منها، فقدم قوله ثلاث أقسم عليهن للاهتمام بها اهـ. وما سلكته أولى لأن الأصل عدم التقديم والتأخير (ما نقص مال عبد من صدقة) أي بل البركة النازلة فيه أو الثواب المعد لباذله وذلك يجبر ما نقص منه حساً، أو ما نقص ثوابه بل يضاعف يوم القيامة أضعافاً كثيرة، وفي «أمالي» العز بن عبد السلام معنى الحديث أن ابن آدم لا يضيع به شيء وما لم ينتفع به في دنياه انتفع به في عقباه، فإن الإنسان إذا كان له داران فحول ماله من إحداهما إلى الأخرى لا يقال في ذلك المحول إنه نقص من ماله، وكان بعض السلف إذا رأى السائل يقول: مرحباً بمن جاء يحول مال دنيانا إلى أخرانا قال: هذا معنى الحديث، وليس معناه أنه لا ينقص في الحس ولا أن الله يخلف عليه فإن ذلك معنى مستأنف اهـ (ولا ظلم عبد مظلمة) بفتح الميم وكسر اللام اسم مصدر ظلم ظلماً بالفتح من باب ضرب، وفي «فتح

الباري» في كتاب المظالم: المظلمة بكسر اللام على المشهور. وحكى ابن قتيبة وابن التين والجوهري فتحها، وأنكره ابن القوطية، ورأيت بخط مغلطاي أن الفراء حكى الضم، قال في «المصابيح» : هي ما يطلبه عند الظالم وهي ما أخذ منك وحذف الفاعل ليعم ظلم القويّ والضعيف ونكر مظلمة في سياق النفي ليعمّ الظلم في النفس والمال والعرض وقوله: (صبر عليها) أي حبس نفسه على ألمها ولم ينتقم من ظالمه بشيء من الانتقام، ويحتمل أن يعم ويدخل من ترك بعض حقه من الظلامة وانتصف في البعض فيثاب فيما تركه احتساباً (إلا زاده ا) في الدنيا وفي الآخرة أو فيهما (عزاً) وذلك من باب قولهم: كما تدين تدان، ومن حديث: «اعمل ما شئت فإنك مجزيّ به» وفي تفسير سورة فصلت من «صحيح البخاري» قال ابن عباس:

{ادفع بالتي هي أحسن} الصبر عند الغضب والعفو عند الإساءة فإذا فعلوا عصمهم الله وخضع لهم عدوهم كأنه وليّ حميم اهـ. وهذا يؤيد ظهور أثر العفو في الدنيا (ولا فتح عبد باب مسألة) لينال بذلك الغنى تكثراً من أموال الناس (إلا فتح الله عليه باب فقر) معاملة بنقيض قصده، وفي هذه الأخيرة استعارة مكنية تتبعها استعارة تخييلية في الموضعين (أو) شك من الراوي: أي قال:

<<  <  ج: ص:  >  >>