فتح الله عليه باب فقر أو قال:(كلمة نحوها) في إفادة ذلك (وأحدثكم حديثاً فاحفظوه) ظاهر أنه مزيد على الثلاث ولعله استطرد مما أقسم عليه من الخصال إلى ذلك لمناسبة بينه وبين ما انتقل عنه، إذ كل فيه ترغيب في إنفاق المال في التقرب إلى الله وتحذير من الحرص على جمع المال، ويحتمل أن تكون هذه الجملة من كلام أبي كبشة لما حدثهم بما تقدم، ذكر هذا الحديث بجامع ما ذكرناه فذكره وقال: هذه الجملة قبله ليقبلوا عليه، ويؤيد هذا قوله:(قال) أي النبي (إنما الدنيا لأربعة نفر) بفتح أوليه هو لغة ما بين الثلاثة إلى العشرة، وهو هنا تمييز أربعة وجاز مع أن تمييزها لا يكون إلا جمعاً كسبع ليال وثمانية أيام اعتباراً بالمعنى لأنه كذلك البعد (عبد) يجوز فيه وفي أمثاله من مفصل لمجمل استوفى العدة الجر على الإبدال مما قبله بدل كل من كل بتقدير سبق العطف على الإبدال، والقطع بالرفع بإضمار مبتدأ محذوف وجوباً، وبالنصب بإضمار نحو أعني محذوف كذلك (رزقه الله مالاً وعلماً) فيه أن العلم من الرزق (فهو يتقي فيه ربه) أي لا يصرفه في معصية بل يجتنب ما لا يرضيه (ويصل فيه رحمه ويعلم الله فيه حقاً) سواء كان ذلك واجباً عينياً من زكاة أو كفارة لمقتضاها أو نذر، أو كفائياً ككفاية مضطر من جائع بسدّ جوعته وعار بكسوته، أو مندوباً كالتقرّب إلى الله سبحانه بأنواع الطاعات المالية (فهذا بأفضل المنازل) من الجنة لأنه علم وعمل وأدى الواجب والمندوب واجتنب الحرام والمحظور، وعلمه هداه إلى الإخلاص في
ذلك وجعل معاملته في ذلك مع الله سبحانه (وعبد رزقه الله علماً) أي بالأحكام المتعلقة بالمال من حيث جمعه وإنفاقه وما يتعلق بذلك، ويحتمل أن يراد ما يعم علم ذلك وغيره، ويؤيده التنكير إذ الأصل فيه التعميم (ولم يرزقه مالاً فهو) لعلمه النافع له (صادق النية) أي القصد في طلب ثواب الله فيعزم على العمل المالي لو قدر عليه ليثاب به (يقول) ناوياً لذلك (لو أن لي مالاً لعملت) أي فيه (بعمل فلان) الجامع بين المال والعلم من طلب ما رضي الله به (فهو نيته) قال العاقولي مبتدأ وخبر أي فهو سني النية وبها أجره. قلت: ويجوز أن يكون نيته مبتدأ وخبره محذوف: أي ألحقته بمن قبله، وبالجملة خبر هو يدل على ذلك قوله:(فأجرهما سواء) أي من حيث النية وصحة القصد. ويزيد ذلك بثواب نفقة المال التي زاد على صاحبه (وعبد رزقه الله مالاً ولم يرزقه علماً) (يعرف به وجوه