١٢١٣- وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه -، قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "قَالَ اللهُ - عز وجل -: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلاَّ الصِّيَام، فَإنَّهُ لِي وَأنَا أجْزِي بِهِ، وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ،
ــ
تقديره شرع لكم ذلك، أي: جملة أحكام الصوم لتكملوا عدد أيام الشهر بقضاء ما أفطرتم في المرض والسفر (ولتكبروا الله) لتعظموه (على ما هداكم) أرشدكم إليه من وجوب الصوم، ورخصة الفطر بالعذر، والمراد تكبيرات ليلة الفطر (ولعلكم تشكرون) الله على نعمته، أو رخصة الفطر. انتهى من جامع البيان. وهذا المفسر مراد المصنف بقوله (من أيام أُخر) الآية، وهي بالرفع مبتدأ خبره محذوف أي: معروفة وبالنصب أي: أتمها، ويجوز الخفض على حذف الجار لكنه ضعيف؛ لأن حذف الجار وإبقاء عمله سماعي في غير أن وإن وكي المصدريات (وأما الأحاديث) أي: الدالة على وجوبه (فقد تقدمت في الباب الذي قبله) في جملة ما يدل على وجوب الزكاة (و) مما فيها، بيان فضله ما ثبت.
١٢١٣- (عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: قال الله عز وجل:) هو من الأحاديث القدسية (كل عمل ابن آدم له) قال الخطابي: أي: له فيه حظ ومدخل، وذلك لاطلاع الناس عليه، فهو يتعجل به ثواباً من الناس، ويحوز به حظاً من الدنيا جاهاً وتعظيماً ونحوهما (إلا الصيام فإنه لي) أي: خالص لي لا يطلع عليه أحد غيري، ولا حظ فيه للنفس، وفيه كسرها، وتعريض البدن للنقص والصبر على حراقة العطش ومضض الجوع، وقال الخطابي: معناه الصوم عبادة خالصة لا يستولي عليها الرياء والسمعة؛ لأنه عمل بر لا يطلع عليه إلا الله، وهذا كما روي: نية المؤمن خير من عمله، وذلك لأن محلها القلب، فلا يطلع عليها غير الله تعالى أي: أن النية المنفردة عن العمل خير من عمل خال عن النية، كما في (ليلة القدر خير من ألف شهر)(١) أي ألف شهر ليس فيها ليلة قدر، وقيل معناه: أن الاستغناء عن الطعام والشراب من صفات الله تعالى، فإنه يطعم ولا يُطعم، فكأنه قال: الصائم يتقرب إلي بأمر هو متعلق بصفة من صفاتي، وإن كانت صفات الله تعالى لا يشبهها شيء، وقيل: هو إضافة تشريف كبيت الله، وقيل: غير ذلك مما يأتي بعضه (وأنا أجزي به) معناه مضاعفة الجزاء من غير عدد ولا حساب لأن تولي الكريم للعطاء يدل على سعته (والصيام جنة) بضم الجيم أي: ترس أي: فيكون مانعاً من النار أو من المعاصي كما يمنع الترس من إصابة السهم، لأنه يكسر الشهوة ويضعف القوة، زاد أحمد: وحصن حصين من النار، والنسائي: كجنة أحدكم من القتال، زاد أحمد من وجه آخر: ما لم يخرقها. قال