للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أُجُورِهْم، ومَا مِنْ غَازِيَةٍ أوْ سَرِيةٍ تُخْفِقُ وتُصابُ إِلّا تَمَّ لَهُمْ أُجُورُهُمْ " رَوَاهُ مُسلمٌ (١) .

١٣٤٣- وعَنْ أَبي أُمَامَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَ رجُلًا قَالَ: يَا رسُولَ اللهِ ائْذَنْ لي في

ــ

سرى، أي: سار ليلا كما ذكر، ومن السري وهو الجبار (٢) (تغزو فتغنم) بالنصب في جواب النفي (وتسلم) أي: من الموت، ويحتمل أن يراد وتسلم حتى من نحو الجرح (إلا كانوا قد تعجلوا ثلثي أجورهم) جاء في رواية زيادة: من الآخرة، ويبقى لهم الثلث كما في الجامع الكبير والصغير، وذكر مخرجيه الآتيين. قال المصنف: معناه يكون أجرهم أقل من أجر من لم يسلم أو سلم ولم يغنم، وإن الغنيمة في مقابلة جزء من أجر غزوهم، فإذا حصلت لهم فقد تعجلوا ثلثي أجرهم المرتب على الغزو وتكون هذه الغنيمة من جملة الأجر، ولا ينافي هذا الحديث السابق أن المجاهد رجع بما نال من أجر وغنيمة، أنه لا يتعرض في ذلك لنقص الأجر، ولا قال أجره كأجر من لم يغنم فهو مطلق وهذا مقيد فوجب حمل المطلق على المقيد. اهـ ملخصاً كا (وما من غازية أو سرية تخفق) بضم الفوقية وسكون المعجمة وكسر الفاء، قال أهل اللغة: الإخفاق أن يغزوا فلا يغنموا شيئاً وكذا كل طالب حاجة إذا لم تحصل فقد أخفق، ومنه أخفق الصائد إذا لم يقع له صيد (وتصاب) أي: بالموت أو بنحو الجرح (إلا تمّ لهم أجورهم) قال المصنف: وحاصل معنى الحديث وهو الصواب الذي لا يجوز غيره، أن الغزاة إذا سلموا وغنموا يكون أجرهم أقل من أجر من لم يسلم أو سلم ولم يغنم، وهذا موافق للأحاديث الصحيحة المشهورة عن الصحابة، كقولهم: فمنا من مضى ولم يأكل من أجره شيئاً ومنا من أينعت له ثمرته فهو يهديها، أي: يجتنيها. قال القرطبي بعد أن نقل ترجيح ذلك عن القاضي عياض: ويدل لصحة هذا التأويل قوله إلا تعجلوا ثلثي أجرهم. قال القرطبي: ويحتمل أن هذه التي أخفقت إنما يزاد في أجرها لشدة ابتلائها وأسفها على ما فاتها من الظفر والغنيمة، قلت فيه بعد: لأن الكامل من قاتل لإِعلاء كلمة الله فهو باذل نفسه لله غير ناظر لعرض ولا غرض (رواه مسلم) وأحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه كذا في الجامعين.

١٣٤٣- (وعن أبي أمامة رضي الله عنه أن رجلاً) لم يسمه ابن رسلان في شرحه (قال: يا رسول الله ائذن لي في السياحة) بكسر المهملة وبالتحتية، أراد مفارقة الوطن، والذهاب في


(١) أخرجه مسلم في كتاب: الإِمارة، باب: بيان قدر ثواب من غزا فغنم، ومن لم يغنم، (الحديث: ١٥٤) .
(٢) كذا بالنسخ ولعله وهو الجدول كما في المصباح.

<<  <  ج: ص:  >  >>