الغَزْوِ بَعدَ فَرَاغِهِ؛ ومعناه: أنه يُثَابُ في رُجُوعِهِ بعد فَرَاغِهِ مِنَ الغَزْوِ (١) .
١٣٤٥- وعن السائب بن يزيد - رضي الله عنه -، قَالَ: لَمَّا قَدِمَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ غَزْوَةِ تَبُوك تَلَقَّاهُ النَّاسُ، فَتَلَقّيتُهُ مَعَ الصِّبْيَانِ عَلَى ثَنيَّةِ الوَدَاعِ. رواه أَبُو داود بإسنادٍ
ــ
ثانيهما: أنهم إذا انصرفوا ظاهرين لم يأمنوا أن يقفو العدو أثرهم فيوقعوا بهم وهم غارون، فربما استظهر الجيش أو بعضهم بالرجوع على أدراجهم، فإن كان من العدو طلب كانوا مستعدين للقائهم، وإلا فقد سلموا وأحرزوا ما معهم من الغنيمة، وقيل: يحتمل أن يكون عن قوم قفلوا لخوفهم أن يدهمهم من عدوهم من هو أكبر منهم عدداً، وقفلوا يستضيفوا إليهم عددا آخر من أصحابهم، ثم يكروا على عدوهم. اهـ والمعنى الأول مذكور في الأصل (رواه أبو داود بإسناد جيد) ورواه أحمد والحاكم في المسند، كما في الجامع الصغير (القفلة: الرجوع) فيه تجوز والمراد أنها المرة منه وإلا فالرجوع هو المقفول. في المصباح: قفل من سفره قفولاً من باب رجع، والاسم القفل بفتحتين (والمراد الرجوع من الغزو بعد فراغه ومعناه) أي: ومعنى الحديث بجملته (أنه يثاب في رجوعه بعد فراغه من الغزو) كما يثاب في ذهابه إليه لما في القفول من المعاني السابقة الداعية للإِثابة.
١٣٤٥- (وعن السائب بن يزيد) بفتح التحتية الأولى وسكون الثانية وكسر الزاي بينهما تقدمت ترجمته (رضي الله عنه) في كتاب الحج (قال: لما قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - من غزوة تبوك) بمنع الصرف على الأرجح للعلمية والتأنيث المعنوي (تلقاه الناس) أي: المتخلفون بالمدينة من المنذرين والمنافقين (فلقيته مع الصبيان) بكسر الصاد المهملة وضمها جمع صبي أي الغلمان قبل البلوغ (على ثنية الوداع) محل بقرب المدينة وهو بفتح الواو، وسميت بذلك لأن المسافر كان يودع عندها ويشيع إليها قاله في القاموس، والوداع بفتح الواو، اسم مصدر ودع، والظرف تنازعه كل من الفعلين قبله والأولى إعمال الثاني وإلا لأعيد الظرف، وقيل: عليها (رواه أبو داود) أواخر كتاب الجهاد من سننه (بهذا اللفظ ورواه البخاري) من حديث السائب (قال: ذهبنا نتلقى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع الصبيان إلى ثنية الوداع) قال العيني: هي هنا من جهة تبوك، وفي غيره يحتمل أن تكون الثنية التي من كل جهة يصل إليها المشيعون تسمى ثنية الوداع، والثنية طريق العقبة. وحكى صاحب المحكم في الثنية أقوالاً فقال: والثنية الطريق في الجبل كالنقب، وقيل: الطريق إلى الجبل، وقيل: هي العقبة، وقيل:
(١) أخرجه أبو داود في كتاب: الجِهِاد، بابِ: في فِضل اِلقَفْل سبيل الله تعالى، (الحديِث: ٢٤٨٧) .