للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَتَتَبُّعُونَ مَجَالِسَ الذِّكْرِ، فَإذَا وَجَدُوا مَجْلِساً فِيهِ ذِكْرٌ، قَعَدُوا مَعَهُمْ، وَحَفَّ بَعْضُهُمْ بَعْضاً بِأجْنِحَتِهِمْ حَتَّى يَمْلَؤُوا مَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ السَّماءِ الدُّنْيَا، فإذَا تَفَرَّقُوا عَرَجُوا وَصَعدُوا إِلَى السَّمَاءِ، فَيَسْأَلُهُمْ اللهُ - عز وجل - وَهُوَ أعْلَمُ -: مِنْ أيْنَ جِئْتُمْ؟ فَيَقُولُونَ: جِئْنَا مِنْ عِنْدِ عِبادٍ لَكَ في الأرْضِ: يُسَبِّحُونَكَ، ويُكبِّرُونَكَ، وَيُهَلِّلُونَكَ، وَيَحْمَدُونَكَ، وَيَسْألُونَكَ. قَالَ: وَمَاذا يَسْألُونِي؟ قالوا: يَسْألُونَكَ جَنَّتَكَ. قَالَ: وَهَلْ رَأَوْا جَنَّتِي؟ قالوا: لا، أَيْ رَبِّ. قَالَ: فكيْفَ لَوْ رَأَوْا جَنَّتي؟! قالوا: ويستجيرونكَ. قَالَ: ومِمَّ

ــ

جميع الروايات أنهم زائدون على الحفظة وغيرهم من المرتبين مع الخلائق فهؤلاء السيارة لا وظيفة لهم إلا قصد حلق الذكر (يتتبعون) ضبط بالمهملة من التتبع، وهو البحث والتفتيش عن الشيء وبالغين المعجمة من الابتغاء والطلب. قال المصنف: وكلاهما صحيح (مجالس الذكر فإذا وجدوا مجلساً فيه ذكر قعدوا معهم وحف بعضهم بعضاً بأجنحتهم) قال المصنف: كذا في كثير من نسخ بلادنا بالمهملة وبالفاء، وفي بعضها بالضاد المعجمة، أي: حث على الحضور والاستماع، وحكى القاضي عن بعض رواتهم، وحط بالمهملتين واختاره القاضي. قال: ومعناه أي: أشار بعضهم إلى بعض بالنزول، ويؤيدها قوله بعده في رواية البخاري "هلموا إلى حاجتكم" ويؤيد الرواية بالفاء قوله في البخاري "يحفونهم بأجنحتهم" أي: يحدقون ويستديرون حولهم، ويحف بعضهم بعضاً (حتى يملأوا ما بينهم وبين السماء الدنيا) أي: أنهم يكثرون في مجلسه حتى يعلو بعضهم على بعض، ويملأوا ما ذكر (فإذا تفرقوا عرجوا وصعدوا) بكسر المهملة الثانية من باب علم (إلى السماء قال فيسألهم الله عز وجل وهو أعلم، من أين جئتم؟ فيقولون: جئنا من عند عباد) التنوين فيه للتعظيم (لك) صفة (في الأرض) صفة بعد صفة لا حال؛ لأن شرط مجيء الحال من المضاف إليه مفقود، نعم يجوز جعل الظرف حالاً من المستقر في الظرف قبله وكذا قوله (يسبحونك ويكبرونك ويهللونك ويحمدونك ويسألونك) فتكون أحوالاً مترادفة، ويجوز أن تكون أحوالاً من المستقر في الظرف قبلها، فتكون على إعراب الظرف، كذلك أحوالاً متداخلة وحذفوا المفعول، طلباً لحصول السؤال عنه فيطول الكلام المستعذب، فالحذف هنا نظير قول موسى (ولي فيها مآرب أخرى) (١) (قال: وماذا يسألوني؟ قالوا: يسألونك جنتك، قال: وهل رأوا جنتي؟ قالوا: لا أي رب) بحذف ضمير المتكلم، ومعه غيره والأصل ربنا فيكون مفتوحاً، ويحتمل أن يكون الأصل أي: ربي بياء المتكلم، فحذفت


(١) سورة طه، الآية: ١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>