للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أوَما عَشَّيْتِهمْ؟ قالت: أَبَوْا حَتَّى تَجِيءَ وَقَدْ عَرَضُوا عَلَيْهِمْ، قَالَ: فَذَهَبتُ أَنَا فَاخْتَبَأْتُ، فَقالَ: يَا غُنْثَرُ، فَجَدَّعَ وَسَبَّ، وقالَ: كُلُوا لاَ هَنِيئاً وَاللهِ لا أَطْعَمُهُ أَبَداً، قَالَ: وايْمُ اللهِ مَا كُنَّا نَأخُذُ مِنْ لُقْمَةٍ إلا ربا من أسفلِها أكثرَ منها حتى شبعوا، وصارتْ أكثرَ مما كانتْ قبلَ ذلكَ، فنظرَ إليها أبو بكر فقالَ لامرأتِهِ: يا أختَ بني فراسٍ

ــ

الفوقية، وفي بعض النسخ بزيادة تحتية بعدها لإشباع كسر الفوقية، قال: والواو عاطفة على مقدر بعد الهمزة (قالت: أبوا) أي: امتنعوا (حتى تجيء وقد عرضوا) بصيغة الفاعل، والضمير يرجع إلى الخدم أو الأهل، ووقع في رواية للبخاري قد عرضنا عليهم فامتنعوا (عليهم) أي: الأضياف (قال) أي: عبد الرحمن (فذهبت أنا فاختبأت) أي: خوفاً من خصام أبيه له، وتغيظه عليه (فقال: يا غنثر) سيؤتى ضبطه ومعناه (فجدع) بتشديد الدال المهملة أي: دعا بالجدع، وهو القطع من الأذن والأنف، أو الشفة، وقيل: المراد به السب والأول أصح (وسب) أي: شتم وحذف المعمول للعلم به، ظن أن عبد الرحمن قصر في حق الأضياف فلما علم الحال أدبهم بقوله: (وقال: كلوا لا هنيئاً) أي: لا أكلتم هنيئاً وهو دعاء عليهم. وقيل: أي: خير لم تهنئوا به أو لا بصحة. وقيل: إنما خاطب بهذا أهله لا الأضياف (والله لا أطعمه) بفتح العين أي: لا أذوقه (أبداً قال) أي: عبد الرحمن (وأيم الله) همزته همزة وصل عند الجمهور. وقيل: يجوز القطع وهو مبتدأ وخبره محذوف، أي: قسمي وأصله أيمن وأصل الهمزة فيه القطع، ولكنها لكثرة الاستعمال خففت فوصلت، وفيها لغات أيمن مثلث الميم، ومن مختصرة منه مثلثة الميم، وأيم كذلك ويم كذلك، قال ابن مالك: وليس الميم بدلاً من الواو ولا أصلها من خلافاً لمن زعمه ولا أيمن جمع يمين خلافاً للكوفيين (ما كنا نأخذ من لقمة إلا ربا) بالموحدة أي: زاد (من أسفلها) أي: الموضع الذي أخذت منه (أكثر منها) بالرفع فاعل ربا (حتى شبعوا وصارت أكثر) بالمثلثة (مما كانت قبل ذلك) أي: قبل أكلهم (فنظر إليها) أي: القصعة (أبو بكر فقال لامرأته) أم رومان (يا أخت بني فراس) بكسر الفاء وتخفيف الراء آخره مهملة من كنانة. قيل: التقدير يا من هي من بني فراس، والعرب تطلق على من كان متبعاً لقبيلة أنه أخوهم. وفيه نظر لأن أم رومان من ذرية الحارث بن غنم، وهو ابن مالك بن أوس بن غنم. قال في الفتح: فلعله نسبها إلى بني فراس بكونهم أشهر من بني الحارث ويقع في النسب كثيراً الانتساب إلى أخي جدهم.

والمعنى يا أخت القوم المنتسبين إلى بني فراس، ولا شك أن الحارث أخو فراس، فأولاد كل منهما إخوة للآخرين بكونهم في درجتهم. وحكى عياض أنه قيل في أم رومان أنها من

<<  <  ج: ص:  >  >>