ما هذا؟ قالت: لا وقُرَّةِ عيني لهي الآنَ أكثرُ منها قبلَ ذلكَ بثلاثِ مراتٍ! فأكل منها أبو بكرٍ وقال: إنَّما كانَ ذلكَ من الشيطانِ، يعني: يمينَهُ. ثم أكلَ منها لقمةً، ثُمَّ حَمَلَهَا إِلَى النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَصْبَحَتْ عِنْدَهُ. وَكَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمٍ عَهْدٌ، فَمَضَى الأجَلُ، فَتَفَرَّقْنَا اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلاً، مَعَ كُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ أُنَاسٌ، اللهُ أعْلَمُ
ــ
بني فراس بن غنم لا من بني الحارث، وعليه فلا حاجة إلى هذا التأويل، ولم أر في كتاب ابن سعد لها نسبا إلى بني حارث، ساق لها نسبين مختلفين (ما هذا) الاستفهام للتعجب (قالت لا) زائدة أو نافية على تقدير لا شيء غير ما أقول (وقرة) بجرها على القسم (عيني) يعبر بها على المسرة ورؤية ما يحبه الإِنسان ويوافقه، يقال ذلك لأن عينه قرت عن التلفت إلى الغير بحصول غرضها فلا تستبشر لشيء آخر، فكأنه مأخوذ من القرآن، وأقسمت بذلك لما وقع عندها من السرور وبالكرامة التي حصلت لهم ببركة الصديق رضي الله عنه. وزعم الداودي أنها أرادت بقرة عينها النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأقسمت به. قال الحافظ: وفيه بعد قال الشيخ زكريا: ولعله كان قبل النهي عن الحلف بغير الله تعالى (لهي) أي: القصعة أو البقية (الآن أكثر منها قبل ذلك بثلاث مرات) أكثر بالمثلثة للأكثر ولبعضهم بالموحدة (فأكل منها أبو بكر وقال: إنما كان ذلك من الشيطان يعني) بالمشار إليه بذلك (يمينه ثم أكل منها لقمة) لحديث الصحيح: "إني لا أحلف يميناً، فأرى غيرها خيراً منها إلا كفرت عن يميني، وفعلت الذي هو خير" ولقصد إرغام الشيطان فيما زينه له من اليمين أن لا يأكل منه، وفائدة قوله: ثم أكل مع قوله فيما سبق فأكل، وليس إلا أكل واحد لدفع الإِيهام وأنه إنما أكل لقمة واحدة لما ذكر من تكفير يمينه، أو أن مراده لا أطعمه منكم، أو في هذه الساعة أو عند الغضب، ولكن هذه الثلاثة الأخيرة مبنية على جواز تخصيص العموم في اليمين، والاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب الوارد عليه (ثم حملها) أي: الجفنة (إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأصبحت) أي: الجفنة على حالها (عنده) وإنما لم يأكلوا منها في الليل لكون ذلك وقع بعد مدة طويلة (وكان بيننا وبين قوم عهد فمضى الأجل) الذي هو عدواً إليه (فتفرقنا اثني عشر رجلاً) فيه الفاء فصيحة أي: جاءوا إلى المدينة ففرقنا من التفريق أي: ميزنا وجعل كل رجل من اثنتي عشر فرقة. وفي بعض الروايات: فعرفنا بالمهملة وشد الراء أي: جعلناهم عرفاء. قال الكرماني والبرماوي: وفي بعضها فقرينا من الفري وهي الضيافة قال الحافظ في الفتح: على ذلك، وأفاد أن روايات مسلم اختلفت فيه هل قال: فرقنا أو قال عرفنا؟ وأن رواية الإِسماعيلي وعرفنا بالعين وجهاً واحداً، وسمي المعرف عريفاً لأنه يعرف الإِمام أحوال العسكر. وبما ذكرت من اختلاف ألفاظ الروايات يعلم أن زيادة التاء في قوله فتعرفنا من قلم