العظيم سأل عنه جبريل ليعلمهم بعظيم ثوابه وكمال رفعته اهـ. وهو مصدر أحسنت كذا إذا حسنته وكملته متعدياً بالهمزة وبحرف الجر، أو أحسن متعدياً بحرف الجر فقط كأحسنت إليه: إذا فعلت معه ما يحسن فعله والمراد هنا الأول إذ حاصله راجع إلى إتقان العبادة بأدائها على وجهها المأمور به مع رعاية حقوق الله تعالى ومراقبته واستحضار عظمته وجلاله ابتداء واستمراراً. وهو على قسمين:
أحدهما: غالب عليه مشاهدة الحق كما (قال) الإحسان (أن تعبد ا) من «عبد» أطاع، والتعبد التنسك، والعبودية الخضوع والذل (كأنك تراه) قيل: أصلة كأنك تراه ويراك، فحذف الثاني لدلالة الأول عليه، وهذا من جوامع كلمه، لأنه جمع فيه مع وجازته بيان مراقبة العبد ربه في إتمام الخضوع والخشوع وغيرهما في جميع الأحوال والإخلاص له في جميع الأعمال والحثّ عليهما مع بيان سببهما الحامل عليهما.
والثاني: من لا ينتهي إلى تلك الحالة لكن يغلب عليه أن الحق مطلع عليه ومشاهد له، وقد بينه بقوله:(فإن لم تكن تراه فإنه يراك) وهذا من جوامع الكلم أيضاً: أي فإن لم تكن تراه فلا تغفل فإنه يراك، وما أحسن ما قيل:
إذا ما خلوت الدهر يوماً فلا تقل
خلوت ولكن قل عليّ رقيب
وقوله: كأنك مفعول مطلق أو حال من الفاعل، ثم هذان الحالان هما ثمرتا معرفة الله تعالى وخشيته، ومن ثم عبر بها عن العمل في خبر «الإحسان أن تخشى الله كأنك تراه» فعبر عن المسبب باسم السبب توسعاً (قال: صدقت) وأخر الإحسان عما قبله، لأنه غاية كما لهما بل والمقوّم لهما، إذ بعدمه يتطرق إلى الإسلام بمعنى الأعمال الظاهرة الرياء والشرك، وإلى الإيمان النفاق فيظهره رياء أو خوفاً، ومن ثم قال تعالى:{بلى من أسلم وجهه وهو محسن}(البقرة: ١١٢){ثم اتقوا وآمنوا * ثم اتقوا وأحسنوا}(المائدة: ٩٣) فشرطه فيهما (قال فأخبرني عن الساعة) أي: عن زمن وجود يوم القيامة، سمي بذلك مع طول زمنه اعتباراً بأوله فإنها تقوم بغتة، أو لسرعة حسابها أو على العكس لطولها، أو لأنها على طولها عند الله كساعة من الساعات عندنا (قال: ما المسؤول عنها بأعلم من السائل) بل كلانا سواء في عدم العلم بالزمن المعين لوجودها، وقيل: هذا كان أولاً، ثم أطلعه الله عليها وأمره