بكتمها، نقله السيوطي في أنموذج اللبيب عن أهل الحق، وعبر بما ذكره في الجواب لتتأكد فائدة التعميم في استواء كل سائل ومسؤول في عدم العلم بوقت وقوعها المعين، وفيه أنه ينبغي للمفتي إذا سئل عما لا يعلم أن يقول لا أعلم. قال بعض السلف إذا أخطأ العالم لا أدري أصيبت مقاتله.
فائدة: وقع هذا السؤال والجواب بين عيسىبن مريم وجبريل، لكن عيسى كان سائلاً وجبريل كان مسؤولا. أخرج الحميدي في أفراده عن الشعبي قال:«سأل عيسىبن مريم جبريل عن الساعة فانتفض بأجنحته وقال: ما المسؤول عنها بأعلم من السائل» ذكره السيوطي في «التوشيح»(قال: فأخبرني عن أماراتها) بفتح الهمزة: أي: أشراطها وعلاماتها الدالة على اقترابها، وربما روي أماراتها (قال: أن تلد الأمة) أي: القنة وأل فيها للماهية، وكذا ما يأتي بعد دون الاستغراق لعدم اطراد ذلك في كل أمة (ربتها) أي: سيدتها، وفي رواية «ربها» أي: سيدها، وفي أخرى «بعلها» بمعنى ربها، كناية إما عن كثرة التسري اللازمة لاستيلائنا على بلاد الكفرة حتى تلد السرية بنتاً أو ابناً لسيدها فيكون ولدها سيدها كأبيه؛ فالعلامة استيلاؤنا على بلادهم وكثرة الفتوح والتسري، أو عن كثرة بيع المستولدات لفساد الزمان حتى تشتري المرأة أمها وتسترقها جاهلة أنها أمها فتكون العلامة غلبة الجهل الناشىء عنها الممنوع منه (وأن ترى الحفاة) جمع حاف بالمهملة وهو من لا نعل برجليه (العراة) جمع عار وهو من لا شيء على جسده. وفي رواية والحفاة: أي الخدمة، أل هنا وإن احتملت الاستغراق إلا أن العادة القطعية دالة على تخصيصه، وأن كل واحد منهم لا يحصل له ذلك، فالأولى كون أل للماهية (العالة) بتخفيف اللام جمع عائل وهو الفقير؛ من عال افتقر، أعال كثرت عياله (رعاء) بكسر أوله وبالمد جمع راع، ويجمع أيضاً على رعاة بضم أوله وهاء آخره مع القصر، والرعي الحفظ (الشاء) الغم واحده شأن بالهاء كشجر وشجرة، وخص مطلق الرعاء لأنهم أضعف الناس ورعاء الشاء لأنهم أضعف الرعاء، ومن ثم قيل راية رعاء الشاء أنسب بالسياق من رعاء الإبل، فإنهم أصحاب فخر وخيلاء وليسوا عالة ولا فقراء غالباً. ويجاب بأن فخرهم إنما هو بالنسبة لرعاء الشاء لا لغير الرعاء، فالقصد حاصل بذكر مطلق الرعاء ولكنه برعاء الشاء أبلغ (يتطاولون في
البنيان) وهو كناية عن إسناد الأمر لغير أهله وصيروره الأسافل من ضعفاء أهل البادية الغالب عليهم الفقر ملوكاً أو كالملوك حتى يشرئبون لانقلاب الأحوال واتساع الدنيا عليهم بعد ضيقها إلى تشييد المباني وهدم