للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أركان الدين بعدم العمل بآي المثاني. وفي الحديث «من أشراط الساعة أن توضع الأخيار وترفع الأشرار» وفي حديث آخر مرفوعاً وهما صحيحيان «لا تقوم الساعة حتى يكون أسعد الناس بالدنيا لكعبن لكع» أي: لئيم ابن لئيم وفي حديث آخر «إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظروا الساعة» ولبعضهم:

c

إذ عز في الدنيا الأذلاء واكتست

أعزتها ذلاً وساد مسودها

هناك فلا جادت سماء بصوبها

ولا أمرعت أرض ولا أخضرّ عودها

واقتصر في الجواب على أمارتين مع شمول السؤال الأكثر، ومع أن لها أمارات أخر صغاراً وعظاماً كالدجال والمهدي وعيسى وغير ذلك مما ألف في استقصائه كتب مدونة تحذيراً للحاضرين وغيرهم عنهما لاقتضاء الحال ذلك، ولعل منهم من تعاطى شيئاً منهما فزجره عنه، وإن قلنا إن جعل الشيء أمارة للساعة لا يدل على ذمة لأن معناه كما هو ظاهر أنه لا يستلزم ذلك، وإلا فالغالب أنه ذم (ثم انطلق) أي: جبريل (فلبثت) زماناً (ملياً) بتشديد الياء: أي كثيراً، من الملوين الليل والنهار. أما المهموز فمن الملاءة أي اليسار. وهو هكذا بتاء المتكلم، وفي نسخة من مسلم «فلبث» بحذفها، يعني أقام النبي بعد انصرافه حيناً، وعلى الأول فهو إخبار من عمر عن نفسه.

وجاء في رواية أبي داود والترمذي وغيرهما «فلبثت ثلاثاً» وظاهره، أنه ثلاث ليال، وفي رواية أبي عوانة «فلبثنا ليالي فلقيني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد ثلاث» ولابن حبان «بعد ثالثة» ولابن منده «بعد ثلاثة أيام» وقد ينافيه خبر البخاري «فأدبر الرجل، فقال النبي: ردّوه، فأخذوا يردونه فلم يجدوا شيئاً، فقال: هذا جبريل» . وأجيب بأنه يحتمل أن عمر لم يحضر قوله هذا بل كان قد قام، فأخبر به بعد ثلاث. (ثم قال: يا عمر أتدري من السائل) فيه ندب تنبيه العالم تلامذته والكبير من دونهم على فوائد العلم وغرائب الوقائع طلباً لنفعهم وتيقظهم (قلت: الله ورسوله أعلم) فيه ما كان عليه الصحابة رضي الله عنهم من حسن الأدب معه يرد العلم إلى الله وإليه، وأنه ينبغي لمن سئل عما لا يعلم أن يقول ذلك كما تقدمت الإشارة إليه (قال: فإنه جبريل اسم أعجمي سرياني فيه لغات عديدة بينتها ونظمتها وأوردتها في أوائل «شرح الأذكار» . قيل: معناه عبد الله، وقيل: عبد الرحمن، والفاء في قوله: «فإنه» جواب شرط مقدر: أي أما إنكم حيث لم تسألوا عن الرجل وفوضتم الأمر إلى الله ورسوله فإنه جبريل، على تأويل الإخبار: أي:

<<  <  ج: ص:  >  >>