للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَيُغَانُ عَلَى قَلْبِي، وإنِّي لأَسْتَغفِرُ اللهَ في اليَوْمِ مِئَةَ مَرَّةٍ" رواه مسلم (١) .

١٨٦٨- وعن أبي هريرة - رضي الله عنه -، قال: سَمعتُ رَسُول اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، يقولُ: "وَاللهِ إنِّي لأَسْتَغْفِرُ اللهَ وَأتُوبُ إلَيْهِ فِي اليَومِ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ مَرَّةً" رواه البخاري (٢) .

ــ

أي: الشأن (ليغان) بضم التحتية وبالمعجمة آخره نون (على قلبي) هي غيون أنوار لا غيون أغيار، وتجليات ربانية وترقيات أحمدية، فإذا ارتقى للمقام الأعلى رأى ما كان فيه قبل من المقام العالي أيضاً كالنقص فاستغفر منه كما قال: مشرعاً للأمة (وإني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة) قال في فتح الباري قال عياض: المراد بالغين فترات عن الذكر الذي شأنه أن يداوم عليه فإذا فتر عنه لأمر ما، عد ذلك ذنباً فاستغفر منه. وقيل هو شيء يعتري القلب مما يقع من حديث النفس، وقيل هو السكينة التي تغشى عليه والاستغفار لإِظهار العبودية لله تعالى والشكر لما أولاه. وقيل هي حالة خشية وإعظام، والاستغفار شكرها ومن ثم قال المحاسبي: خوف المقربين خوف إجلال وإعظام. وقال السهروردي: لا يعتقد أن الغين حالة نقص، بل هو كمال أو تتمة كمال ثم مثل ذلك بجفن العين يسيل ليدفع القذى عن العين، فإنه يمنع العين من الرؤية فهو من هذه الحيثية نقص وفي الحقيقة كمال. هذا محصل كلامه بعبارة طويلة قال: فهكذا بصيرة النبي - صلى الله عليه وسلم - متعرضة للأعين السائرة. من أنفس الأغيار فدعت الحالة إلى الستر على حدقة بصيرته صيانة لها ووقاية عن ذلك اهـ.

(رواه مسلم) ورواه أحمد وأبو داود والنسائي.

١٨٦٨- (وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول) تحريضاً على التوبة والاستغفار (والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه) فيه إيماء إلى ما تقدم أن الآية تشير إليه من اعتبار التوبة والاستغفار، وأنه مع التمادي في الذنب كالتلاعب (في اليوم أكثر من سبعين مرة) كناية عن الكثرة، وتقدم في الحديث قبله مائة مرة (رواه البخاري) وتقدم في باب التوبة أنه ذكره صاحب الأطراف بلفظ: "إني لأستغفر الله وأتوب إليه كل يوم مائة مرة". وقال: أخرجه البخاري والنسائي والترمذي، ولعل اللفظ الذي ذكره لأحد الروايتين الأخيرتين. وإلا فاللفظ الذي ذكره المصنف هنا وفي باب التوبة وعزاه للبخاري هو الموجود في باب استغفار النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي تقدم في كتاب بيان حكمة استغفاره مع عصمته - صلى الله عليه وسلم -.


(١) أخرجه مسلم في كتاب: الذكر والدعاء والتوبة ... ، باب: استحباب الاستغفار والاستكثار منه، (الحديث: ٤١) .
(٢) أخرجه البخاري في كتاب: الدعوات، باب: استغفار النبي - صلى الله عليه وسلم - في اليوم والليلة، (١١/٨٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>