وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجاً، وَرَزَقهُ مِنْ حَيثُ لاَ يَحْتَسِبُ". رواه أبو داود (١) .
١٨٧٢- وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ قَالَ: أسْتَغْفِرُ اللهَ الَّذِي لاَ إلَهَ إلاَّ هُوَ الحَيُّ القَيُومُ وَأتُوبُ إلَيهِ، غُفِرَتْ ذُنُوبُهُ، وإنْ كانَ قَدْ
ــ
به فينجو من ذلك الكرب (ومن كل هم) أي: حزن (فرجاً) أي: يفرج له ما يهتم به بأن يزيل عنه سببه وينجيه من تعبه (ورزقه من حيث لا يحتسب) ففيه أن نفع الاستغفار يعود بحوز مطلوب الدارين (رواه أبو داود) .
١٨٧٢- (وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من قال) أي: بلسانه مع الإِذعان لمضمون ذلك، والتوبة من الذنب المستغفر منه (استغفر الله الذي لا إله) أي: مستغن عن كل ما سواه مفتقر إليه ما عداه (إلا هو) بدل من محل اسم لا قبل دخولها عليه (الحي القيوم) وفي كتاب الأجوبة المرضية عن الأسئلة النحوية للراعي أنه نفسه سئل عن إعراب الموصول والوصفين بعد أهو النصب أم الرفع، فأجاب بأنها نعوت مدح للجلالة ْمنصوبة على التعظيم، ويجوز في الموصول البدل. قلت: وعليه فلا يعرب شيء من الاثنين بعده نعتاً، لأن البدل لا يتقدم عليه والله أعلم. فإن اتبعت الموصول جاز في الاسمين بعده الرفع والنصب، فالنصب على الاتباع أو على القطع بنحو أخص أو أعني أو أمدح مما يليق بالمقام، وإن قطعت الموصول امتنع اتباع ما بعده وتعين القطع، إما بالرفع بإضمار مبتدأ، أو بالنصب بإضمار فعل وكل هذه الوجوه صحيحة فصيحة، غير أن في قطع النعت الواحد والأول من النعوت المتعددة خلافاً، الصحيح الجواز، لأن قطعه لا يخرج به عن كونه مبيناً له من جهة المعنى مع أن القطع في الجميع أبلغ من المعنى المراد بإضمار فعل لأن الجملة الإِسمية أثبت من الفعلية وأقعد وأصل منها. وإنما امتنع اتباع الحي مع قطع ما بعده، لئلا يلزم عليه الاتباع بعد القطع وهو ممتنع عند النحاة. ونقل عن بعض المتأخرين الجواز وهو خلاف لا يعتد به إن صح النقل، وإنما امتنع الاتباع بعد القطع وجاز عكسه لأن في الأول رجوعاً للشيء بعد تركه، ومن طباع العرب وعلو همتها، أنها إذا انصرفت عن الشيء لم تعد إليه، فجعلوا كذلك ألفاظهم جارية على حد معانيهم. وقال بعض نحاة قرطبة: المانع منه ما يلزم عليه من تسفل بعد تصعد، وقصور بعد كمال. بيانه أن القطع أبلغ في المعنى المراد من الاتباع كما تقدم، ولولا ذلك ما ذهب به ذلك المذهب البعيد، يعني الخروج من الرفع
(١) أخرجه أبو داود في كتاب: الصلاة، باب: في الاستغفار، (الحديث: ١٥١٨) .