قلت: ربما أخبر ولم يؤمن به أحد ولا يكون معه إلا المؤمن (إذ رفع) بالبناء المفعول (لي سواد) أي: أشخاص وهو كما في «مختصر القاموس» : الشخص، ومن البلدة قراها والعدد الكثير من أهلها، ومن الناس عامتهم اهـ. ٥ ولذا قال القرطبي: أي: أشخاص كثيرة ويجمع على أسودة (عظيم) لكثرته (فظننت أنهم) أي: السواد الذي هو الأشخاص وباعتباره جمع الضمير العائد إليه (أمتي فقيل لي هذا) أي: السواد العظيم (موسى وقومه) أي: أمته المؤمنون (ولكن انظر إلى الأفق) بضم الهمزة والفاء وبسكونها كما في «الصحاح» ، وعبارته: الآفاق
النواحي الواحد أفق، وأفق مثل عسر وعسر انتهت، وبالقاف: الناحية.
وجوزّ الحافظ السيوطي أن يكون الأفق واحداً وجمعاً كالفلك ويجمع أيضاً على آفاق (فنظرت فإذا سواد عظيم فقيل لي انظر إلى الأفق الآخر فإذا سواد عظيم) أي: غير السواد الأول إذ النكرة إذا أعيدت كانت الثانية غير الأولى غالباً (فقيل لي هذه) أي: مجموع السوادين العظيمين (أمتك) أي: المؤمنون كما تقدم نظيره (ومعهم سبعون ألفاً) يحتمل أن يكون معناه ومن أمتك غير هؤلاء سبعون ألفاً، ويحتمل أن يكون معناه وفي جملة هذه الأسودة سبعون ألفاً (يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب) ويؤيد الاحتمال الثاني رواية البخاري في «صحيحه»(هذه أمتك، ويدخل الجنة من هؤلاء سبعون ألفاً) فالسبعون ألفاً من أمته بلا شك. وعذاب بفتح المهملة وبالذال المعجمة، وفي نسخة عقاب بكسر المهملة وبالقاف، وجملة يدخلون الجنة الخ صفة أو حال من سبعون لتخصيصه بالظرف قبله. فإن قلت: هل يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب وإن كانوا أصحاب معاصي ومظالم؟ قلت: الذين كانوا بهذه الأوصاف الأربعة المذكورة في الحديث لا يكونون إلا عدولاً مطهرين من الذنوب أو ببركة هذه الصفات يغفر الله لهم ويعفو عنهم (ثم نهض) قبل بيان السبعين المذكورين (فدخل منزله فخاض) بالحاء والضاد المعجمتين: أي تكلم (الناس) والمراد منهم الصحابة وتناظروا (في) تعيين (أولئك الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب) وفي البخاري «فأفاض الناس» وهو بمعناه يقال أفاض الناس في