وفهم ذلك منه من قصور فهم الناظر، وإلا فهم مطهرون من ذلك الاعتقاد الفاسد كما طهرهم الله تعالى بكمال محبته من سائر المفاسد (ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه) مما يخاف، وهذه عادة الحبيب مع محبوبه، ولا يحصى عدد من حصل له ذلك فوقع له مطلوبه وذهبت عنه كروبه من صالحي الأمة، فلا نطيل بذكره خصوصاً وسيأتي في أثناء الكتاب بعضه.
وفي هذا الوعد المحقق المؤكد بالقسم إيذان بأن من تقرب إليه بما مرّ لا يردّ دعاؤه، وقد لا يجاب الوليّ إلى سؤاله لعلمه تعالى أن الخير له في غيره مع تعويضه له خيراً منه إما في الدنيا أو في الآخرة (رواه البخاري) وزاد بعد قوله «لأعيذنه»«وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءته» والتكلم في بعض رواته غير مقبول، وانفرد به البخاري عن باقي الكتب الستة، ورواه ابن حبان في «صحيحه» وأبو داود خارج السنن فيما رواه عنه ابن الأعرابي، ورواه أبو نعيم في «الحلية» والبيهقي في «الزهد» وابن عدي في «الكامل» وآخرون. وقد روي الحديث من طريق عائشة وميمونة وعليّ وأنس وحذيفة ومعاذبن جبل وابن عباس وغيرهم، وطريق كل لا تخلو عن مقال، إلا الطريق إلى حذيفة فإن إسناده حسن لكن حديثه غريب جداً (آذنته) بالمد (أعلنته) هذا معنى آذنته، وقوله:(بأني محارب له) هذا معني بالحرب، وقوله:(استعاذني روي بالنون) أي: طلبني أعيذه فيكون متعدياً (وبالباء) الموحدة: أي اعتصم وتحصن بي.
٩٦ - (الثاني: عن أنس رضي الله عنه عن النبي فيما يرويه عن ربه عز وجل) أي: فهو من الأحاديث القدسية وقد تقدم في باب الإخلاص فيها بعض البيان، والفرق بينها وبين القرآن أنه معجز ويتعلق الثواب بتلاوته ولا تجوز روايته بالمعنى ولا مسّ ما كتب فيه، ولا حمله مع الحدث ولا كذلك هذه الأحاديث (قال) أي: الربّ سبحانه أو النبيّ راوياً له عن ربه (إذا تقرّب العبد إليّ شبراً تقربت إليه ذراعاً، وإذا تقرّب إليّ ذراعاً تقرّبت إليه) وفي