للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والصحة: أي في البدن، والفراغ: أي من العوائق عن الطاعة برأس المال لأنهما من أسباب الأرباح ومقدمات نيل النجاح، فمن عامل الله تعالى بامتثال أوامره وابتدر الصحة والفراغ يربح، ومن لا ضاع رأس ماله ولا ينفعه الندم (رواه البخاري) ورواه الترمذي وابن ماجه.

٩٨ - (الرابع: عن عائشة رضي الله عنها أن النبيّ كان يقوم) أي: بالتهجد (من الليل) أي: بعضه وهو السدس الرابع والخامس غالباً (حتى تفطر) بفتح المثناة والفاء وتشديد المهملة وأصله تتفطر، وهو كذلك في رواية الأصيلي كما في «فتح الباري» : أي تتشقق (قدماه) وعند النسائي: «حتى تزلع قدماه» بزاي وعين مهملة. وللبخاري في رواية: «حتى تورّمت قدماه» . ولا مخالفة بين هذه الروايات، فإنه إذا حصل النفخ والورم حصل الزلع والتشقق (فقلت له: لم تصنع هذا) الأمر الشاق (يا رسول الله وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟) .

قال العارف با ابن أبي جمرة في أثناء كلام له على حديث: «لن يدخل أحدكم الجنة بعمله» ما لفظه: لا يخطر بخاطر أحد أن الذنوب التي خبر الله تعالى أنه بفضله غفرها للنبي من قبيل ما نقع نحن فيها، معاذالله، لأن الأنبياء معصومون من الكبائر بالإجماع، ومن الصغائر التي فيها رذائل. أما الصغائر التي ليس فيها رذائل ففيها خلاف بين العلماء الأكثر على أنهم معصومون منها كما عصموا من الكبائر، وهو الحق لأن رتبتهم جليلة، إنما ذلك من قبيل توفية ما يجب للربوبية من الإعظام والإكبار والشكر، ووضع البشرية وإن رفع قدرها حيث رفع فإنها تعجز عن ذلك بوضعها لأنها من جملة المحدثات، وكثرة النعم على الذي رفع قدره أكثر من غيره فتضاعفت الحقوق عليه فحصل العجز، فالغفران لذلك اهـ وهو من النفاسة بمكان، وسيأتي في باب أداء الأمانة إن شاء الله تعالى كلام نفيس للقاضي عياض في عصمة الأنبياء وتفصيل الخلاف في ذلك (قال أفلا) الفاء للسببية عن محذوف التقدير: أترك التهجد فلا (أحبّ أن أكون عبداً شكوراً) والمعنى: أن المغفرة سبب لكون

<<  <  ج: ص:  >  >>