القويّ من صبر على مجالسة الناس وتحمل أذاهم وعلمهم الخير والإرشاد.
وقال القرطبي: القويّ البدن والنفس الماضي العزيمة الذي يصلح للقيام بوظائف العبادات من الحجّ والصوم والأمر بالمعروف وغير ذلك مما يقوم به الدين (خير) أفعل تفضيل، حذفت ألفه تخفيفاً (وأحبّ إلى الله من المؤمن الضعيف) يعلم المراد به من المراد بضده (وفي كل) بالتنوين: أي من المؤمن القوي والمؤمن الضعيف (خير) لاشتراكهما في أصل الإيمان وخير هنا مصدر: وهو خلاف الشر (احرص) أي: استعمل الحرص والاحتياط (على) تحصيل (ما ينفعك) من أمر دينك ودنياك التي تستعين بها على صيانة دينك وعيالك ومكارم الأخلاق ولا تفرط في ذلك (واستعن با) أي: اطلب المعونة منه وتوكل عليه ولا تعتمد على حركاتك ولا على أسبابك بل الجأ في كل الأمور إليه وتوكل عليه، فمن أعانه أعين، وما أحسن قول بعض العارفين:
إذا لم يعنك الله فيما تريده
فليس لمخلوق إليه سبيل
وإن هو لم يرشدك في كل مسلك
ضللت ولو أن السماك دليل
(ولا تعجز) بكسر الجيم على الأفصح: أي لا تفرط في طلب ذلك وتتعاجز عنه تاركاً للحكمة الإلهية متكلاً على القدرة فتنسب للتقصير وتلام على التفريط شرعاً وعادة (وإن أصابك شيء) من المقدورات (فلا تقل لو أني فعلت) كذا (كان كذا وكذا) كناية عن مبهم، والجملة جواب لو، فيكون فيه ركون إلى العادات وربط للمسببات بأسبابها العادية وغفلة عن حقائق الأمور هو أن كل شيء بقدر مقدور فلذا قال (ولكن) بسكون النون (قل قدر ا) .
قال البرهان العلوي: ومن خطه نقلت هو بفتح أوليه المخفقين ورفع الراء، هكذا رأيت في نسخة الرزندي وسماعي «قدر» يعني بصيغة الماضي المعلوم (وما شاء) أي: ما شاءه الله (فعل) لا رادّ لمراده وهو على كل شيء قدير. ففيه التنبيه على الدواء عند وقوع المقدور وذلك بالتسليم لأمر الله والرضا بقدرالله، والإعراض عن الالتفات لما مضى وفات بألا يقول: لو أني فعلت كذا لكان كذا، لأن ذلك يئول به إلى الخسران، من توهم أن التدبير يعارض سوابق المقادير، وهذا عمل الشيطان كما قال (فإن لو) بسكون الواو على الحكاية: أي إذا ذكرت على سبيل معارضة القدر، أو مع اعتقاد أن ذلك المانع لو