للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ارتفع لوقع خلاف المقدور (تفتح عمل الشيطان) أي وساوسه المفضية بصاحبها للخسران، أما إذا أتى بلو على وجه التأسف على ما فات من الخير وعلم أنه لن يصيبه إلا ما قدر الله تعالى فليس بمكروه، وفيه حديث «لو استقبلت من أمري ما استدبرت» الحديث: (رواه مسلم) ورواه أحمد وابن ماجه كما في «الجامع الصغير» .

١٠١ - (السابع: عنه) أي عن أبي هريرة رضي الله عنه (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: حجبت) بالمهملة فالجيم مبني للمفعول والتاء في آخره للتأنيث (النار بالشهوات، وحجبت الجنة بالمكاره) .

قال القرطبي: هو من الكلام البليغ الذي انتهى في البلاغة نهايته، وذلك أنه مثل المكاره بالحفاف: أي في رواية مسلم الآتية، وبمعناها الحجاب وهو الدائر بالشيء المحيط به الذي لا يتوصل إلى ذلك الشيء إلا بعد أن يتخطى، وفائدة هذا التمثيل أن الجنة لا تنال إلا بقطع مفاوز المكاره وبالصبر عليها، وأن النار لا ينجي منها إلا بترك الشهوات وفطام النفس عنها.

وقال المصنف: معناه لا يوصل إلى الجنة إلا بارتكاب المكاره من الجهد في الطاعات والصبر عن الشهوات، كما لا يصل المحجوب عن الشيء إلا بهتك حجابه والتجاوز عنه، ويوصل إلى النار باتباع الشهوات. والمراد ما كان محرماً منها لا المباح منها، فلا يدخل في ذلك لكن الإكثار منه مكروه مخافة أن يقسي القلب ويكسل عن الطاعة (متفق عليه) في المعنى ومعظم المبنى بدليل قوله (وفي رواية مسلم: حفت) بضم المهملة وتشديد الفاء (بدل حجبت) وبه يندفع اعتراض الصاغاني في «المشارق» على القضاعي حيث قال: بعد أن رواه بلفظ حجبت وقال: متفق عليه. رواية القضاعي حفت.

<<  <  ج: ص:  >  >>