الأظهر فقال هؤلاء: النذير «هو النبيّ» قال القرطبي: لأن الله تعالى بعثه بشيراً ونذيراً إلى عباده قطعاً لحجتهم، قال: لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل (وقيل) : هو (الشيب قاله) ابن عباس و (عكرمة و) سفيان (بن عيينة وغيرهما) كوكيع والحسينبن الفضل والفراء والطبري ذكره القرطبي. قلت: واقتصر عليه البخاري في كتاب الرقاق من «صحيحه» ، قال: والشيب نذير لأنه يأتي في سنّ الاكتهال، وهو علامة لمفارقة سن الصبا الذي هو سن اللهو واللعب، قال:
رأيت الشيب من نذر المنايا
لصاحبه، وحسبك من نذير
١١٢ - (والله أعلم)(وأما الأحاديث) النبوية.
(فـ) الحديث (الأول عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبيّ قال: أعذر الله إلى امرىء) أي: شخص (أخر) بتشديد المعجمة (أجله حتى بلغ ستين سنة. رواه البخاري. قال العلماء: معناه) أزال عذره فـ (لم يترك له عذراً) يعتذر به في ترك صالح الأعمال (إذ أمهله هذه المدة) فالهمزة للسلب (يقال) في كلام العرب (أعذر الرجل) بالرفع (إذا بلغ الغاية في العذر) .
قال الحافظ العسقلاني: الأعذار إزالة العذر، والمعنى: أنه لم يبق له اعتذار كأن يقول: لو مدّ لي في الأجل لفعلت ما أمرت به، وإذا لم يكن له عذر في ترك الطاعة مع تمكنه منها بالعمر الذي حصل له فلا ينبغي له حينئذٍ إلا الاستغفار والطاعة والإقبال على الآخرة بالكلية ونسبة الإعذار إلى الله تعالى مجازية، والمعنى: أن الله لم يترك للعبد سبباً للاعتذار يتمسك به. والحاصل أنه تعالى لا يعاقب إلا بعد حجة. وقال التوربشتي: ومنه قولهم: أعذر من أنذر: أي: أتى بالعذر وأظهره وهذا مجاز من القول، فإن العذر لا يتوجه