الخطاب بالسورة شاملاً لجميع الأمة (وسكت بعضهم فلم يقل شيئاً، فقال لي) عمر (أكذلك) أي: كما يقول هؤلاء مما ذكر (تقول يابن عباس؟ فقلت لا) أي: لا أقول ذلك (قال: فما تقول؟ قلت: هو أجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعلمه الله له) أي:
للنبيّ: أي: إن المراد من السورة تنبيهه على ما يعرف به قرب أجله وعلى ما يأتي به حينئذٍ (قال تعالى: {إذا جاء نصر ا} ) نبيه على أعدائه ( {والفتح} ) فتح مكة، وقيل: المراد جنس نصر الله المؤمنين وفتح مكة وسائر البلاد عليهم ( {ورأيت} ) أي: أبصرت ( {الناس يدخلون في دين ا} ) أي: الإسلام ( {أفواجا} ) جماعات بعد ما كان يدخل فيه واحد بعد واحد وذلك بعد فتح مكة (وذلك) أي: النصر وما بعده (علامة) قرب انتهاء (أجلك) .
قال البيضاوي في «التفسير» : لعل ذلك لدلالتها على تمام الدعوة وكمال أمر الدين، فهي كقوله تعالى:{اليوم أكملت لكم دينكم}(المائدة: ٣) أو لأن الأمر بالاستغفار ينبه على دنوّ الأجل: أي: لأنه يكون في خواتم الأمور، ولذا كان يستغفر بعد صلاته، وإذا خرج من الخلاء وإذا أفاض ولذا سميت سورة التوديع. والأكثر على أن هذه السورة نزلت قبل فتح مكة وأنه نعي لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - اهـ. قال أبو حيان في «النهر» : قيل: نزلت في أيام التشريق بمنى في حجة الوداع فعاش بعدها ثمانين يوماً. وفي «شرح البخاري» لابن النحوي بعد نقله عنبن التين أنها لعلها نزلت جميعاً، أي: كاملة منصرفه من حنين، قاله الواحدي، قال: وعاش بعد نزولها سنتين، قال: وهو غريب كأنه تصحيف، والذي رواه غيره ستين يوماً. قال في «فتح الباري» : وسئلت عن قول «الكشاف» : إن سورة النصر نزلت في حجة الوداع أيام التشريق فكيف صدرت بإذا الدالة على الاستقبال؟ فأجبت بتضعيف ما نقله، وعلى تقديم صحته فالشرط لم يكمل بالفتح، لأن مجيء الناس أفواجاً لم يكن كمل فبقية الشرط مستقبل. قال: وقد أجاب الطيبي عن هذا السؤال بجوابين: أن إذا بمعنى إذ، وبأن كلام الله تعالى قديم.