للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صدقة) الفاء فيه تفصيلية لإجمال الصدقة قبله، وبه استغنى عن تعداد المفاصل بناء على أنها المراد من السلامى كما يأتي. وأيد بأنه روى أحمد وأبو داود عن بريدة قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «في الإنسان ثلاثمائة وستون مفصلاً، فعليه أن يتصدق عن كل مفصل منه صدقة، قال: ومن يطيق ذلك يا نبي ا؟ قال: النخاعة في المسجد تدفنها صدقة، والشيء تنحيه عن الطريق صدقة، فإن لم تجد فركعتا الضحى تجزيك» وروى مسلم نحوه عن عائشة رضي الله عنها الحديث الآتي بعد هذا (كل تحميدة) أي: ثناء على الله تعالى بأوصافه العلية نحو الحمد (صدقة، وكل تهليلة) أي: قول: لا إله إلا الله (صدقة، وكل تكبيرة) أي: قول الله أكبر (صدقة، وأمر) بالجر عطف على مدخول كل (بالمعروف) ما أمر به الشرع (صدقة، ونهي عن منكر) وهو ما أنكره الشرع (صدقة) وحكمة إسقاط كل قبل أمر ونهي مع أنهما نوعان غير ما قبلهما: الإشارة إلى ندرة وقوعهما بالنسبة إلى ما قبلهما لاسيما المعتزل عن الناس، ويصح رفع أمر ونهي عطفاً على كل وخبرهما معطوف على خبرها وحينئذٍ فيكون من عطف معمولين على معمول عاملين مختلفين، أو كل منهما مبتدأ خبره ما بعده والواو لعطف الجمل أو استئنافية، لأن هذا نوع غير ما قبله، إذ هو فيما تعدى نفعه وما قبله نفعه قاصر وسوّغ الابتداء به مع نكارته

تخصيصه بالعمل في الظرف بعده، ونكر إيذاناً بأن كل فرد من أفرادهما صدقة، ولو عرفا لاحتمل أن المراد الجنس أو فرد معهود فلا يفيد النص على ذلك، ثم سكت في الحديث عن التعرّض للصدقة الحقيقية أي إخراج المال تقرّبا إلى الله تعالى لوضوحها، بخلاف ما ذكر في الخبر فإن في تسميته صدقة وإجزائه عن الصدقة الحقيقية المتبادر إرادتها من ظاهر الخبر خفاء، وسيأتي أن هذا الإطلاق مجازي، وبيان علاقة المجاز في حديث أبي ذرّ المذكور بعد في الباب، وليس المراد حضر أنواع الصدقة بالمعنى الأعم فيما ذكر في الخبر بل التنبيه على ما بقي منها، ويجمعها كل ما فيه نوع نفع للنفس أو غيرها (ويجزىء) قال العراقي في «شرح التقريب» : يجوز فتح أوله بغير همز آخره وضمه مع همزه، فالفتح من جزى يجزي أي كفى، والضم من الإجزاء وبهما ضبط في هذا الحديث اهـ. (من ذلك) أي: عما ذكر أو بدله (ركعتان يركعهما من) صلاة

<<  <  ج: ص:  >  >>