(الضحى) وظاهر الخبر إجزاؤهما عما ذكر قبله وإن تمكن منه، لكن في خبر عند أبي داود تقييد الإجزاء عن ذلك بعدم الوجدان. وجمع بأن ما في خبر أبي داود محمول على الحال الأكمل والعمل الأفضل، إذ لا يبعد أن يكون الإتيان بثلثمائة وستين صدقة أفضل من ركعتي الضحى وإن كانت الصلاة أفضل الأعمال وما في خبر الباب بالنسبة لأصل الاكتفاء؛ وظاهر أن الذي تقوم ركعتا الضحى مقامه من الأمر بالمعروف وقرينه إنما هو المندوب كأن قام بالفرض منه غير وكان في كلامه تأكيد لذلك الأمر وتقوية له، وأما الواجب فلا تقوم الركعتان مقامه ولا ترفعان عنه إثم الترك.
وفي الحديث عظم فضل صلاة الضحى لتحصيلها هذا الثواب الجزيل وقيامها مقام هذه الأفعال، فينبغي المداومة عليها، وكان سبب قيامها مقام ذلك لاشتمال الركعتين على جميع ما تقدم حتى الأخيرين إذ الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، ولا منع من تخصيص ذلك بصلاة الضحى دون نحو ركعتي الفجر على ما قاله الوليّ العراقي، وإن كان المعنى المذكور موجوداً فيهما لأن للشارع نظراً خاصاً في الأعمال باعتبار أوقاتها وأمكنتها، ولعل من جملة وجوه اختصاصها بذلك بمحضها للشكر بخلاف نحو الرواتب فإنها لجبر نقص الفرائض فلم يتمحض فيها القيام بالشكر على تلك النعم الباهرة (رواه مسلم) وأخرجه أبو داود والنسائي وأبو عوانة وابن خزيمة وابن حبان (السلامى بضم السين المهملة وتخفيف اللام وفتح الميم) في «النهاية» أنها جمع سلامية: وهي الأنملة من أنامل المفصل، وقيل: جمعه ومفرده واحد ويجمع على سلاميات اهـ (المفصل) بكسر أوله وفتح ثالثه المهمل، وتفسيرها بالمفصل لوروده في محل السلامى، والمراد بها العضو وعليه اقتصر في «الأذكار» . وفي «النهاية» : قيل: هي التي بين كل مفصلين من أصابع الإنسان، وقيل: كل عضو مجوّف من عظام الإنسان، وقيل: إن آخر ما يبقى فيه المخ من البعير إذا عجف السلامى والعين، وقيل: غير ذلك. وظاهر أن ما ذكر في بيان معناه لغة، وإلا فالمراد منه هنا كما قال المصنف في «شرح مسلم» سائر عظام البدن ومفاصله، وكذا قال العراقي وأيده بخبر مسلم «خلق الإنسان على ستين وثلاثمائة مفصل، ففي كل مفصل صدقة» وسيأتي فيه زيادة في باب الإصلاح بين الناس.
١١٩ - (الثالث: عنه رضي الله عنه قال: قال النبيّ: عرضت) بالبناء للمفعول (عليّ) بتشديد الياء