ويتصدقون بفضول أموالهم) أي: بأموالهم الفاضلة عن كفايتهم وقيدوا بذلك بياناً لفضل الصدقة؛ فإنها بغير الفاضل عن الكفاية لمن لا قدرة له على الصبر إما مكروهة أو محرمة على التفصيل المقرر في محله، وقولهم المذكور غبطة ومنافسة فيما يتنافس فيه المتنافسون من طلب مزيد الخير ومنتهاه لشدة حرصهم على العمل الصالح ورغبتهم فيه، ولما فهم منه ذلك (قال) : لهم جواباً وجبراً لخاطرهم وتقريراً لأنهم ربما ساووا الأغنياء (أو ليس) أي: أتقولون ذلك؟ فالهمزة للإنكار وليس بمعنى لا: أي: لا تقولوه فإنه (قد جعل الله لكم ما تصدقون) بتشديد الصاد والدال كما هو الرواية: أي: ما تتصدقون فأدغمت إحدى التاءين في الصاد وقد تحذف إحداهما فتخفف الصاد (به، إنّ) لكم (بكل تسبيحة) أي: قول «سبحان ا» أي: بسببها كقوله تعالى: {وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون}(الزخرف: ٧٢)(صدقة) ولا تنافي الحديث السابق في باب الاستقامة «لن يدخل أحدكم الجنة بعمله» الحديث لما تقدم فيه، أو لأن الآية في نيل الدرجات فهي بسبب الأعمال وتفاوتها، وذلك الحديث في أصل دخول الجنة فهو لمحض الفضل إذ لا يكافئه عمل، أو أن الإسلام هو المتكفل بدخول الجنة وهو محمل الآية، وبقية الأعمال سبب في نيل درجاتها لا في دخولها
وهو محمل الحديث (وكل) بجره وكذا ما بعده عطفاً على ما قبله أو رفعه استئنافاً (تكبيرة) أي: قول «اأكبر»(صدقة) بنصبه كالذي بعده عطفاً على ما قبله ورفعه استئنافاً (وكل تحميدة) أي: قول «الحمد»(صدقة مسوّغ الابتداء مع نكارته وإيثارها على تعريفه (بالمعروف) عرفه إشارة إلى تقرره وثبوته وأنه مألوف (صدقة، ونهي عن منكر) نكره إشارة إلى أنه في حيز العدم والمجهول الذي لا إلف للنفس به: أي: عن المنهي عنه شرعاً بشرطه ككونه مجمعاً على تحريمه أو يعتقده الفاعل (صدقة) وتسمية ما ذكر وما يأتي صدقة مجاز لمشابهتها لها: أي: أن لهذه الأشياء أجراً كأجر الصدقة في الجنس، لأن الجميع صادر عن رضا الله تعالى مكافأة على طاعته إما في القدر أو الصفة، فيتفاوت بتفاوت مقادير