الأعمال وصفاتها وغاياتها وثمراتها. وقيل: معناه: أنها صدقة على نفسه، وتأخير الأمر والنهي عما قبلهما من باب الترقي لوجوبهما عيناً أو كفاية بخلافه. ولا شك أن الواجب بقسميه أفضل من النفل لحديث البخاري السابق «وما تقرّب إليّ عبدي بأفضل من أداء ما افترضته عليه» قيل: في الحديث إيماء إلى أن الصدقة للقادر عليها لتعدي نفعها أفضل من هذه الأذكار، ويؤيده أن العمل المتعدي نفعه أفضل من القاصر غالباً وإلى أن تلك الأذكار إذا حسنت النية فيها ربما يساوي أجرها أجر الصدقة بالمال سيما في حق العاجز عنها (وفي) سببية بمعنى الباء الموحدة كهي في حديث «عذبت امرأة بالنار في هرّة» أي: بسبب هرّة ويحتمل بقاؤها على الظرفية لكن يتجوزّ، كأن البضع لما ترتب عليه الثواب الآتي صار له كالظرف (بضع) بضم الموحدة وسكون الضاد المعجمة آخره عين مهملة: أي: فرج أو جماع (أحدكم) لحليلته (صدقة) إذا قارنته نية صحيحة كإعطاف نفسه أو زوجته عن نحو نظر أو فكر أو همّ محرم، أو قضاء حقها من معاشرتها بالمعروف المأمور به، أو طلب ولد يوحد الله تعالى أو يتكثر به المسلمون، أو يكون له فرطاً إذا مات بصبره
على مصيبته، فعلم أن في النية الصالحة ما يصير المباضعة صدقة على المسملين باعتبار ما ينشأ عنها من وجود ولد صالح يحمي بيضة الإسلام أو يقوم ببيان العلوم الشرعية والأحكام.
ويستفاد من الحديث أن جميع أنواع فعل الخير والمعروف والإحسان صدقة، ويوافقه خبر مسلم «كل معروف صدقة» وخبر ابن ماجه والبزار «ما من يوم ولا ليلة ولا ساعة إلا فيها صدقة يمنّ بها على من يشاء من عباده، وما منّ الله على عبد مثل أن يلهمه ذكره»(قالوا يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟) استبعدواـ نظراً إلى أن الأجر إنما يحصل غالباً في عبادة شاقة على النفس مخالفة لهواهاـ حصوله بفعل هذا المستلذ (قال: أرأيتم) أي: أخبروني (لو وضعها في حرام أكان عليه وزر) أي: إثم، وتقدير الكلام «قالوا نعم» وسكت عنه لظهوره، وجاء في رواية أحمدبن حنبل وأحمدبن منيع وغيرهما لهذا الحديث عن أبي ذرّ التصريح بذلك. قال «قلت: نصيب شهوتنا وتؤجر؟ قال: أرأيت إن وضعته في غير حقه ما كان عليك وزر؟ قال: قلت بلى، قال: فتحتسبون بالشرّ ولا تحتسبون بالخير» قال: (فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر) بالرفع وروي بنصبه وهما ظاهران وظاهر الخبر