للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السادة والرفق بالعبيد. ومنها ما يتعلق بالعاملة وهي سبع عشرة: القيام بالإمرة مع العدل ومتابعة الجماعة وطاعة أولى الأمر، والإصلاح بين الناس ويدخل فيه قتال الخوارج والبغاة، والمعاونة على البر ويدخل فيه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإقامة الحدود والجهاد ومنه المرابطة وأداء الأمانة، ومنه أداء الخمس والقرض مع وفائه وإكرام الجار وحسن المعاملة، ومنه جمع المال من حله وإنفاق المال في حقه، وفيه ترك التبذير والإسراف ورد السلام وتشميت العاطس وكف الضرر عن الناس واجتناب اللهو وإماطة الأذى عن الطريق. فهذه تسع وستون خصلة ويمكن عدها تسعاً وسبعين باعتبار أفراد ما ضم بعضه إلى بعض.

وقال الحافظ السيوطي في «حاشية سنن أبي داود» بعد أن رجح رواية بضع وسبعون وأنه لا يلتفت إلى الشك فإن غيره من الثقات قد جزم بأنه بضع وسبعون ورواية من جزم أولى. قال: ومقصود الحديث أن الأعمال الشرعية تسمى إيماناً وأنها منحصرة في ذلك العدد غير أن الشرع لم يعين ذلك العدد لنا ولا فضله. وقد تكلف بعض المتأخرين ذلك فتصفح خصال الشريعة وعددها حتى انتهى بها في زعمه إلى ذلك العدد، ولا يصح له ذلك لأنه يمكن الزيادة على ما ذكره والنقصان منه ببيان التداخل. والصحيح ما صار إليه أبو سليمان الخطابي وغيره أنها منحصرة في علم الله وعلم رسوله وموجودة في الشريعة مفصلة فيها، غير أن الشرع لم يوقفنا على أشخاص تلك الأبواب ولا عين لنا عددها ولا كيفية انقسامها، وذلك لا يضرنا في علمنا بتفاصيل ما لكفنا به من شريعتنا ولا في عملنا كل مفصل مبين في جملة الشريعة، فما أمرنا بالعمل به عملنا وما نهينا عنه انتهينا وإن لم نحط بحصر أعداد ذلك اهـ (فأفضلها) هي خبر لشرط محذوف: أي: إذا كان الإيمان ذا شعب متفاوتةٍ فأفضلها (قول لا إله إلا ا) لإنبائها عن التوحيد المتعين على كل مكلف والذي لا يصح غيره من الشعب إلا بعد صحته فهو الأصل المبني عليه سائرها (وأدناها) أدونها مقداراً، من الدنوّ بمعنى القرب ولذا استعمل في مقابلة الأعلى (إماطة) بالمهملة: أي إزالة (الأذى) أي: المؤذي وإن خف كشوكة أو حجر، وفي رواية «إماطة العظم» (عن الطريق) ووجه كونها أدناها إنها لدفع أدنى ضرر يتوقع حصوله لأحد من الناس (والحياء) بالمد، وهو لغة تغير وانكسار يعتري الإنسان من خوف ما يعاب به ويذم عليه، أو انحصار النفس خوف ارتكاب القبائح وفي الشرع: خلق يبعث على اجتناب القبيح شرعاً ويمنع من التقصير في حق ذي الحق (شعبة) عظيمة كما يومىء إليه التنكير (من الإيمان) لتكلفه بحصول سائر الشعب

<<  <  ج: ص:  >  >>