للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنه يحجز صاحبه عن المعاصي، إذا الحييّ يخاف فضيحة الدارين فينزجر عن كل معصية

ويمتثل كل طاعة، وأرفع الحياء الحياء من الله وهو ألا يراك حيث نهاك، وإنما ينشأ هذا من مراقبة ثابتة للحق والمعرفة به وهي مقام الإحسان. والإيمان لا يخرج عن فعل المأمور واجتناب المنهي، فلذا أفرد الحياء بالذكر لأن رتبته متوسطة بين الأعلى والأدنى.

ولما أشار إلى أعلى الشعب وأوسطها وأدناها ترك بيان الباقي للعلم به بالمقايسة إلى أحد تلك الثلاثة، فمن عرف تلك المقايسة فواضح، ومن لا فيلزمه الإيمان بعموم العدد وإن لم يعرف جميع أفراده، كما يجب الإيمان بالملائكة وإن جهلت أعيانهم وأسماؤهم، كذا في «شرح المشكاة» لابن حجر. وقال الدميري: إنما جعله بعض الإيمان. وسيأتي في الحياء وفضله بسط (متفق عليه) فيه نظر فإن قوله: «فأفضلها قول لا إله إلاالله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق» لمسلم فقط، فيؤول كلامه على أن أصل الحديث بدون هذه الزيادة فيهما، وقد تنبه لذلك الحافظ السيوطي في «الجامع الصغير» فقال بعد إيراده باللفظ المذكور: أخرجه مسلم وأبو داود وابن ماجه، ووقع لصاحب «المشكاة» كما وقع للمصنف واعترضه شارحها الشيخ ابن حجر المكي بما ذكر. ثم الإخبار عن الإيمان بأنه كذا وكذا شعبة من باب إطلاق الأصل وهو الإيمان على الفرع وهو الأعمال، والحقيقة أنها تنشأ عنه لا أنها هو (والبضع من ثلاثة إلى تسعة) تقديم التاء: أي: ما بينها هذا هو الأشهر وفيه حديث مرفوع «البضع ما بين الثلاث إلى التسع» رواه الطبراني وابن مردويه عن نياربن مكرم، وقيل: ما بين الثلاثة، وقيل: اثنين والعشرة، وقيل: من واحد إلى تسعة. وفي «القاموس» : هو ما بين الثلاث إلى التسع أو إلى الخمس، أو ما بين الواحد إلى الأربعة، أو من أربع إلى تسع، أو هو سبع، وإذا جاوزت لفظ العشر ذهب البضع، لا يقال بضع وعشرون أو يقال ذلك اهـ (والشعبة) في اللغة (القطعة) والغصن من الشجر وفرع كل أصل، وأريد بها في هذا الحديث الخصلة أو الجزء: أي: الإيمان ذو

خصال أو أجزاء متعددة.

١٢٦ - (العاشر: عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: بينما رجل يمشي بطريق) أي: فيها (اشتدّ عليه

<<  <  ج: ص:  >  >>