للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واقترنت به صلاة جرّد فيها القلب عن علائق الدنيا وطر الخواطر، واجتمع الفكر على آخر العبادة كما انعقد عليه إحرامها واستمرّ الحال حتى خرج بالتسليم عنها، فإن الكبائر تغفر، وكذلك كان وضوء السلف اهـ. والذي عليه جمهور العلماء أن صالح العمل لا يكفر الكبائر إنما يكفرها التوبة أو فضل الله تعالى.

قال المصنف: وقد يقال إذا كفر الوضوء فماذا تكفر الصلوات؟ وإذا كفرت الصلوات فماذا تكفر الجمعات؟ ورمضان وغيرها مما ورد فيه ذلك؟ فالجواب ما أجاب به العلماء أن كل واحد من هذه المذكورات صالح للتكفير، فإن وجد ما يكفره من الصغائر كفره، وإن لم يصادف كبيرة ولا صغيرة كتبت له به حسنات ورفعت له به درجات، وإن صادف كبيرة أو كبائر ولم يصادف صغيرة رجونا أن يخفف عنه منها. واعترضه ابن سيد الناس في قوله: «رجونا» إلخ بأن هذا موقوف على التوقيف لا مجال فيه لغيره. قال السيوطي: استشكل بأن الصغائر مكفرة باجتناب الكبائر، وحينئذٍ فما الذي تكفره الصلوات؟ والتحقيق في الجواب ما أشار إليه البلقيني أن الناس أقسام: من لا ذنب له مطلقاً وهذا له رفع الدرجات؛ ومن له صغائر بلا إصرار فهي المكفرة باجتناب الكبائر إلى موافاة الموت على الإيمان، ومن له صغائر مع الإصرار فهي التي تكفر بصالح الأعمال؛ ومن له كبائر وصغائر فالمكفر بصالح العمل الصغائر فقط؛ ومن له كبائر فقط فيكفر منها على قدر ما كان يكفر من الصغائر اهـ. قال شيخ الإسلام زكريا: فإن قلت: يلزم من جعل الصغائر مكفرة بالمذكورات عند اجتناب الكبائر اجتماع سببين على سبب واحد وهو ممتنع. قلت: لا مانع من ذلك في الأسباب المعروفه لأنها علامات لا مؤثرات كما في اجتماع أسباب الحدث اهـ. وقوله: «إذا اجتنبت الكبائر إلخ» قال العلقمي في «حاشيته» على «الجامع الصغير» : قال شيخنا يعني السيوطي: قال النووي: معناه أن الذنوب كلها تغفر إلا الكبائر فإنها لا تغفر، وليس معناه أن الذنوب تغفر ما لم تكن كبيرة، فإن كانت فلا يغفر شيء، فإن هذا وإن كان محتملاً فسياق الأحاديث يأباه (رواه مسلم) ورواه أحمد والترمذي.

١٣١ - (الخامس عشر: عنه قال: قال رسول الله: ألا) بتخفيف اللام أداة استفتاح ليتنبه السامع لما

<<  <  ج: ص:  >  >>